فصل: الجزء الثاني

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النشر في القراءات العشر ***


الجزء الثاني

بَابُ الْإِدْغَامِ الصَّغِيرِ

‏[‏تَعْرِيفُ الْإِدْغَامِ الصَّغِيرِ‏]‏

وَهُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا إِذَا كَانَ الْحَرْفُ الْأَوَّلُ مِنْهُ سَاكِنًا كَمَا قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ بَابِ الْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ‏.‏

‏[‏أَقْسَامُ الْإِدْغَامِ الصَّغِيرِ‏]‏

وَيَنْقَسِمُ إِلَى جَائِزٍ، وَوَاجِبٍ، وَمُمْتَنِعٍ، كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ أَوَّلَ الْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ فِيمَا تَقَدَّمَ‏.‏

‏[‏الْإِدْغَامُ الصَّغِيرُ الجائز‏]‏

فَأَمَّا الْجَائِزُ وَهُوَ الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ الْقُرَّاءِ بِذِكْرِهِ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ فَيَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ إِدْغَامُ حَرْفٍ مِنْ كَلِمَةٍ فِي حُرُوفٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ كَلِمَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَيَنْحَصِرُ فِي فُصُولِ‏:‏ إِذْ، وَقَدْ، وَتَاءِ التَّأْنِيثِ، وَهَلْ، وَبَلْ‏.‏

الثَّانِي‏:‏ إِدْغَامُ حَرْفٍ فِي حَرْفٍ مِنْ كَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَتَيْنِ حَيْثُ وَقَعَ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ عِنْدَهُمْ بِحُرُوفٍ قَرُبَتْ مَخَارِجُهَا وَيَلْتَحِقُ بِهِمَا قِسْمٌ آخَرُ اخْتُلِفَ فِي بَعْضِهِ فَذَكَرَهُ جُمْهُورُ أَئِمَّتِنَا عَقِيبَ ذَلِكَ وَهُوَ الْكَلَامُ عَلَى أَحْكَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ خَاصَّةً إِلَّا أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ أُخَرُ سِوَى الْإِدْغَامِ وَالْإِظْهَارِ مِنَ الْإِخْفَاءِ وَالْقَلْبِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ‏.‏

‏[‏باب إِدْغَامِ حَرْفٍ مِنْ كَلِمَةٍ فِي حُرُوفٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ كَلِمَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ‏]‏

فَصْلٌ ‏[‏إِدْغَامُ وَإِظْهَارُ ذَالِ إِذْ‏]‏

ذَالُ إِذْ اخْتَلَفُوا فِي إِدْغَامِهَا وَإِظْهَارِهَا عِنْدَ سِتَّةِ أَحْرُفٍ وَهِيَ حُرُوفُ تَجِدُ، وَالصَّفِيرِ فَالتَّاءُ ‏{‏إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ‏}‏، ‏{‏وَإِذْ تَخْلُقُ‏}‏، ‏{‏وَإِذْ تَأَذَّنَ‏}‏، ‏{‏إِذْ تَأْتِيهِمْ‏}‏، ‏{‏إِذْ تُفِيضُونَ‏}‏، ‏{‏إِذْ تَقُولُ‏}‏، ‏{‏إِذْ تَدْعُونَ‏}‏، ‏{‏إِذْ تَمْشِي‏}‏ وَالْجِيمُ ‏{‏إِذْ جَعَلَ‏}‏، وَ‏{‏إِذْ جِئْتُمْ‏}‏، وَ‏{‏إِذْ جَاءَ‏}‏ وَالدَّالُ ‏{‏إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ‏}‏ فِي الْكَهْفِ ‏{‏إِذْ دَخَلُوا‏}‏ فِي الْحِجْرِ وَص وَالذَّارِيَاتِ، وَالسِّينُ ‏{‏إِذْ سَمِعْتُمُوهُ‏}‏ وَالصَّادُ ‏{‏وَإِذْ صَرَفْنَا‏}‏ وَالزَّايُ ‏{‏وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ‏}‏، ‏{‏وَإِذْ زَاغَتِ‏}‏ فَأَدْغَمَهَا فِي الْحُرُوفِ السِّتَّةِ أَبُو عَمْرٍو وَهِشَامٌ‏.‏ وَأَظْهَرَهُمَا عِنْدَهَا نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ، وَأَدْغَمَهَا فِي التَّاءِ وَالدَّالِ فَقَطْ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ، وَأَدْغَمَهَا فِي غَيْرِ الْجِيمِ الْكِسَائِيُّ وَخَلَّادٌ‏.‏ وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ عَنْ خَلَّادٍ بِإِظْهَارِ ‏{‏وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ‏}‏ وَانْفَرَدَ الْكَارَزِينِيُّ عَنْ رُوَيْسٍ بِإِدْغَامِهَا فِي التَّاءِ وَالصَّادِ‏.‏ وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنْهُ بِالْإِدْغَامِ فِي الزَّايِ‏.‏ وَأَبُو مَعْشَرٍ فِي الْجِيمِ‏.‏ وَأَمَّا ابْنُ ذَكْوَانَ فَأَظْهَرَهَا فِي غَيْرِ الدَّالِ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي الدَّالِ فَرَوَى عَنْهُ الْأَخْفَشُ إِدْغَامَهَا فِي الدَّالِ‏.‏ وَرَوَى عَنْهُ الصُّورِيُّ إِظْهَارَهَا عِنْدَهَا أَيْضًا وَانْفَرَدَ أَبُو الْعِزِّ عَنْ زَيْدٍ عَنِ الرَّمْلِيِّ عَنْهُ بِإِدْغَامِهَا فِي ‏{‏إِذْ دَخَلْتَ‏}‏ فِي الْكَهْفِ فَقَطْ وَانْفَرَدَ هِبَةُ اللَّهِ عَنِ الْأَخْفَشِ بِإِظْهَارِهَا عِنْدَ الدَّالِ‏.‏

وَكَذَلِكَ انْفَرَدَ النَّهْرَوَانِيُّ عَنِ الْأَخْفَشِ بِإِظْهَارِ ‏{‏إِذْ دَخَلُوا‏}‏ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَإِدْغَامِهَا فِي ‏{‏إِذْ دَخَلْتَ‏}‏ فَقَطْ، وَكَذَلِكَ رَوَى الْفَارِسِيُّ عَنِ الْحَمَّامِيِّ فَانْفَرَدَ بِهِ عَنْ سَائِرِ أَصْحَابِ الْحَمَّامِيِّ وَانْفَرَدَ أَبُو الْعِزِّ أَيْضًا عَنْ زَيْدٍ بِإِدْغَامِ ‏{‏إِذْ تَقُولُ‏}‏ فِي الْأَحْزَابِ‏.‏ وَزَادَ فِي الْكِفَايَةِ ‏{‏إِذْ تُفِيضُونَ‏}‏ وَانْفَرَدَ الْقَبَّابُ عَنِ الرَّمْلِيِّ بِإِدْغَامِ ‏{‏إِذْ تَقُولُ‏}‏، وَ‏{‏إِذْ تُفِيضُونَ‏}‏- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏إِدْغَامُ وَإِظْهَارُ دَالِ‏:‏ قَدْ‏]‏

دَالُ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي إِدْغَامِهَا وَإِظْهَارِهَا عِنْدَ ثَمَانِيَةِ أَحْرُفٍ وَهِيَ الذَّالُ وَالظَّاءُ‏.‏ وَالضَّادُ وَالْجِيمُ، وَالشِّينُ وَحُرُوفُ الصَّفِيرِ فَالذَّالُ ‏{‏وَلَقَدْ ذَرَأْنَا‏}‏ وَالظَّاءُ ‏{‏فَقَدْ ظَلَمَ‏}‏، ‏{‏لَقَدْ ظَلَمَكَ‏}‏ الضَّادُ ‏{‏قَدْ ضَلُّوا‏}‏، وَ‏{‏قَدْ ضَلَّ‏}‏، ‏{‏قَدْ ضَلَلْتُ‏}‏ وَالْجِيمُ ‏{‏لَقَدْ جَاءَكُمْ‏}‏، وَ‏{‏قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ‏}‏، وَ‏{‏قَدْ جَادَلْتَنَا‏}‏ وَالشِّينُ ‏{‏قَدْ شَغَفَهَا‏}‏ وَالسِّينُ ‏{‏قَدْ سَأَلَهَا‏}‏، ‏{‏وَلَقَدْ سَبَقَتْ‏}‏، وَ‏{‏قَدْ سَمِعَ‏}‏، وَ‏{‏مَا قَدْ سَلَفَ‏}‏ وَالصَّادُ ‏{‏وَلَقَدْ صَرَّفْنَا‏}‏، وَ‏{‏لَقَدْ صَدَقَ‏}‏، ‏{‏وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ‏}‏ وَالزَّايُ ‏{‏وَلَقَدْ زَيَّنَّا‏}‏ فَأَدْغَمَهَا فِيهِنَّ أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَهِشَامٌ، وَاخْتُلِفَ عَنْ هِشَامٍ فِي ‏{‏لَقَدْ ظَلَمَكَ‏}‏ فِي ص‏.‏ فَرَوَى الْجُمْهُورُ مِنَ الْمَغَارِبَةِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ عَنْهُ مِنْ طَرِيقَيْهِ الْإِظْهَارَ‏.‏ وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالْمُبْهِجِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي فِي فَارِسَ، وَرَوَى جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ وَبَعْضُ الْمَغَارِبَةِ عَنْهُ الْإِدْغَامَ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْتَنِيرِ وَالْكِفَايَةِ الْكُبْرَى، لِأَبِي الْعِزِّ، وَغَايَةِ أَبِي الْعَلَاءِ، وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَلَى الْفَارِسِيِّ وَالْمَالِكِيِّ‏.‏ وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا فِي الْكَافِي‏.‏ وَأَدْغَمَهَا ابْنُ ذَكْوَانَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَهِيَ‏:‏ الذَّالُ‏.‏ وَالظَّاءُ‏.‏ وَالضَّادُ فَقَطْ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي الزَّايِ‏.‏

فَرَوَى الْجُمْهُورُ عَنِ الْأَخْفَشِ عَنْهُ الْإِظْهَارَ وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ الْفَارِسِيِّ وَهُوَ الَّذِي فِي التَّجْرِيدِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى نَصْرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْفَارِسِيِّ وَهُوَ رِوَايَةُ الْعِرَاقِيِّينَ قَاطِبَةً عَنِ الْأَخْفَشِ‏.‏ وَرَوَى عَنْهُ الصُّورِيُّ وَبَعْضُ الْمَغَارِبَةِ عَنِ الْأَخْفَشِ الْإِدْغَامَ وَهُوَ الَّذِي فِي الْعُنْوَانِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْكَافِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ وَقَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ وَأَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي وَابْنِ نَفِيسٍ‏.‏ وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ عَنِ ابْنِ الْأَخْرَمِ‏.‏

وَانْفَرَدَ الشَّذَائِيُّ بِحِكَايَةِ التَّخْيِيرِ فِي الشِّينِ عَنِ ابْنِ الْأَخْرَمِ وَأَدْغَمَهَا وَرْشٌ فِي الضَّادِ وَالظَّاءِ فَوَافَقَ ابْنَ ذَكْوَانَ فِيهِمَا‏.‏ وَأَظْهَرَهَا عِنْدَ بَاقِي الْحُرُوفِ‏.‏ وَأَظْهَرَهَا الْبَاقُونَ عِنْدَ حُرُوفِهَا الثَّمَانِيَةِ وَهُمْ‏:‏ ابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ وَقَالُونُ‏.‏ وَانْفَرَدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكَارَزِينِيُّ عَنْ رُوَيْسٍ بِإِدْغَامِهَا فِي الْجِيمِ‏.‏ وَانْفَرَدَ أَبُو الْكَرَمِ فِي الْمِصْبَاحِ عَنْ رَوْحٍ بِالْإِدْغَامِ فِي الضَّادِ وَالظَّاءِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏إِدْغَامُ تَاءِ التَّأْنِيثِ‏]‏

تَاءُ التَّأْنِيثِ اخْتَلَفُوا فِي إِدْغَامِهَا وَإِظْهَارِهَا عِنْدَ سِتَّةِ أَحْرُفٍ وَهِيَ‏:‏ الثَّاءُ وَالْجِيمُ وَالظَّاءُ، وَحُرُوفُ الصَّفِيرِ فَالثَّاءُ ‏{‏بَعِدَتْ ثَمُودُ‏}‏، وَ‏{‏كَذَّبَتْ ثَمُودُ‏}‏، وَ‏{‏رَحُبَتْ ثُمَّ‏}‏، وَالْجِيمُ ‏{‏نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ‏}‏، ‏{‏وَجَبَتْ جُنُوبُهَا‏}‏ وَالظَّاءُ ‏{‏حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا‏}‏، ‏{‏حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا‏}‏، وَ‏{‏كَانَتْ ظَالِمَةً‏}‏ وَالسِّينُ ‏{‏أَنْبَتَتْ سَبْعَ‏}‏، ‏{‏أَقَلَّتْ سَحَابًا‏}‏، وَ‏{‏مَضَتْ سُنَّةُ‏}‏، ‏{‏وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ‏}‏، وَ‏{‏أُنْزِلَتْ سُورَةٌ‏}‏، ‏{‏وَجَاءَتْ سَكْرَةُ‏}‏ وَالصَّادُ ‏{‏حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ‏}‏ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِ يَعْقُوبَ ‏{‏لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ‏}‏ وَالزَّايُ ‏{‏خَبَتْ زِدْنَاهُمْ‏}‏ فَأَدْغَمَهَا فِي الْحُرُوفِ السِّتَّةِ أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ‏.‏ وَأَدْغَمَهَا الْأَزْرَقُ عَنْ وَرْشٍ فِي الظَّاءِ فَقَطْ‏.‏ وَأَظْهَرَهَا خَلَفٌ فِي الثَّاءِ حَسْبُ، وَأَدْغَمَهَا ابْنُ عَامِرٍ فِي الصَّادِ وَالظَّاءِ‏.‏ وَأَدْغَمَهَا هِشَامٌ فِي الثَّاءِ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي حُرُوفِ سَجَزَ وَهِيَ السِّينُ وَالْجِيمُ وَالزَّايُ فَأَدْغَمَهَا الدَّاجُونِيُّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ عَبْدَانَ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِيِ الْعِزِّ عَنْ شَيْخِهِ عَنِ ابْنِ نَفِيسٍ وَمِنْ طَرِيقِ الطَّرَسُوسِيِّ كِلَيْهِمَا عَنِ السَّامَرِّيِّ عَنْهُ وَبِهِ قَطَعَ لِهِشَامٍ وَحْدَهُ فِي الْعُنْوَانِ وَالتَّجْرِيدِ، وَأَظْهَرَهَا عَنْهُ الْحُلْوَانِيُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ إِلَّا مِنْ طَرِيقَيْ أَبِي الْعِزِّ وَالطَّرَسُوسِيِّ عَنِ ابْنِ عَبْدَانَ، وَاخْتُلِفَ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ فِي ‏{‏لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ‏}‏ فَرَوَى الْجُمْهُورُ عَنْهُ إِظْهَارَهَا وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ وَقَطَعَ بِالْوَجْهَيْنِ لَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَاسْتَثْنَاهَا أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِمَّنْ رَوَوُا الْإِدْغَامَ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ وَأَضَافَ بَعْضُهُمْ إِلَيْهَا ‏{‏نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ‏}‏ فَاسْتَثْنَاهَا أَيْضًا كَصَاحِبِ الْمُسْتَنِيرِ وَالْغَايَةِ وَالتَّجْرِيدِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِنَا، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ أَيْضًا بِاسْتِثْنَاءِ الْجِيمِ وَالصَّادِ فَأَظْهَرَهَا عِنْدَهُمَا وَذَلِكَ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ الْجَمَّالِ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ‏.‏ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ طَرِيقِ الْجَمَّالِ مَا قَدَّمْنَا‏.‏ وَأَظْهَرَهَا ابْنُ ذَكْوَانَ عِنْدَ حُرُوفِ سَجَزَ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي الثَّاءِ فَرَوَى عَنْهُ الصُّورِيُّ إِظْهَارَهَا عِنْدَهَا‏.‏ وَرَوَى الْأَخْفَشُ إِدْغَامَهَا فِيهَا، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ‏.‏ وَقَدِ اضْطَرَبَتْ أَلْفَاظُ كُتُبِ أَصْحَابِنَا فِيهِ‏.‏ وَقَدْ نَقَلَهُ الدَّانِيُّ عَلَى الصَّوَابِ مِنْ نُصُوصِ أَصْحَابِ ابْنِ ذَكْوَانَ وَأَصْحَابِ أَصْحَابِهِ‏.‏ وَاسْتَثْنَى الصُّورِيُّ مِنَ السِّينِ ‏{‏أَنْبَتَتْ سَبْعَ‏}‏ فَقَطْ فَأَدْغَمَهَا‏.‏ وَانْفَرَدَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ بِالْإِظْهَارِ عَنِ الصُّورِيِّ عِنْدَ الضَّادِ وَهُوَ وَهْمٌ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنْهُ بِاسْتِثْنَاءِ ‏{‏حَصِرَتْ‏}‏، وَ‏{‏لَهُدِّمَتْ‏}‏ فَأَدْغَمَهَا وَلَا نَعْرِفُهُ وَانْفَرَدَ الشَّاطِبِيُّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ بِالْخِلَافِ فِي ‏{‏وَجَبَتْ جُنُوبُهَا‏}‏ وَلَا نَعْرِفُ خِلَافًا عَنْهُ فِي إِظْهَارِهَا مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ‏.‏ وَقَدْ قَالَ أَبُو شَامَةَ‏:‏ إِنَّ الدَّانِيَّ ذَكَرَ الْإِدْغَامَ فِي غَيْرِ التَّيْسِيرِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ لِابْنِ ذَكْوَانَ وَهِشَامٍ، مَعًا قُلْتُ‏:‏ وَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ هُوَ عِنْدَ الْجِيمِ وَلَفْظُهُ‏:‏ وَاخْتَلَفُوا عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فَرَوَى ابْنُ الْأَخْرَمِ وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ وَابْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَالنَّقَّاشُ وَابْنُ شَنَبُوذَ عَنِ الْأَخْفَشِ عَنْهُ الْإِظْهَارَ فِي الْحَرْفَيْنِ، وَكَذَلِكَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَرَوَى ابْنُ مُرْشِدٍ وَأَبُو طَاهِرٍ وَابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَغَيْرُهُمْ عَنِ الْأَخْفَشِ عَنْهُ ‏{‏نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ‏}‏ بِالْإِظْهَارِ، وَ‏{‏وَجَبَتْ جُنُوبُهَا‏}‏ بِالْإِدْغَامِ، وَكَذَلِكَ رَوَى لِي أَبُو الْفَتْحِ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ الْحَسَنِ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ انْتَهَى‏.‏

فَرُوَاةُ الْإِظْهَارِ هُمُ الَّذِينَ فِي الشَّاطِبِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الدَّانِيُّ أَنَّهُ قَرَأَ بِالْإِدْغَامِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ كَمَا ذَكَرَهُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ قَرَأَ بِهِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ حَتَّى يَكُونَ مِنْ طَرِيقِ أَصْحَابِ الْإِدْغَامِ كَابْنِ مُرْشِدٍ وَأَبِي طَاهِرٍ وَابْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَغَيْرِهِمْ فَمَاذَا يُفِيدُ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَرَأَ بِهِ مِنْ طُرُقِ كِتَابِهِ‏؟‏ عَلَى أَنِّي رَأَيْتُ نَصَّ أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ فِي كِتَابِهِ فَإِذَا هُوَ الْإِدْغَامُ عَنْ هِشَامٍ فِي الْجِيمِ وَالْإِظْهَارُ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ‏:‏ ‏{‏وَجَبَتْ جُنُوبُهَا‏}‏، وَغَيْرِهِ‏.‏

وَالْبَاقُونَ بِإِظْهَارِهَا عِنْدَ الْأَحْرُفِ السِّتَّةِ وَهُمُ ابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ وَقَالُونُ وَالْأَصْبَهَانِيُّ عَنْ وَرْشٍ، وَانْفَرَدَ الْكَارَزِينِيُّ عَنْ رُوَيْسٍ فِيمَا ذَكَرَهُ السِّبْطُ وَابْنُ الْفَحَّامِ بِإِدْغَامِهَا فِي السِّينِ وَالْجِيمِ وَالظَّاءِ‏.‏ وَانْفَرَدَ فِي الْمِصْبَاحِ عَنْ رَوْحٍ بِالْإِدْغَامِ فِي الظَّاءِ فَقَطْ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏إِدْغَامُ لَامِ هَلْ وَبَلْ‏]‏

لَامُ هَلْ وَبَلْ اخْتَلَفُوا فِي إِدْغَامِهَا وَإِظْهَارِهَا عِنْدَ ثَمَانِيَةِ أَحْرُفٍ، وَهِيَ‏:‏ التَّاءُ، وَالثَّاءُ، وَالزَّايُ، وَالسِّينُ، وَالضَّادُ، وَالطَّاءُ، وَالظَّاءُ، وَالنُّونُ‏.‏ وَمِنْهَا خَمْسَةٌ تَخْتَصُّ بِبَلْ، وَهِيَ‏:‏ الزَّايُ، وَالسِّينُ، وَالضَّادُ، وَالطَّاءُ، وَالظَّاءُ‏.‏ وَوَاحِدٌ يَخْتَصُّ بِهَلْ وَهُوَ الثَّاءُ، وَحَرْفَانِ يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا مَعًا، وَهُمَا التَّاءُ وَالنُّونُ فَالتَّاءُ نَحْوَ ‏{‏هَلْ تَنْقِمُونَ‏}‏، وَ‏{‏هَلْ تَعْلَمُ‏}‏، وَ‏{‏بَلْ تَأْتِيهِمْ‏}‏، وَ‏{‏بَلْ تُؤْثِرُونَ‏}‏ وَالثَّاءُ نَحْوَ ‏{‏هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ‏}‏ وَالزَّايُ ‏{‏بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ‏}‏، ‏{‏بَلْ زَعَمْتُمْ‏}‏ وَالسِّينُ ‏{‏بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ‏}‏ وَالضَّادُ ‏{‏بَلْ ضَلُّوا‏}‏ وَالطَّاءُ ‏{‏بَلْ طَبَعَ‏}‏ وَالظَّاءُ ‏{‏بَلْ ظَنَنْتُمْ‏}‏ وَالنُّونُ نَحْوَ ‏{‏بَلْ نَتَّبِعُ‏}‏، وَ‏{‏بَلْ نَقْذِفُ‏}‏، وَ‏{‏هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ‏}‏، وَ‏{‏هَلْ نُنَبِّئُكُمْ‏}‏ فَأَدْغَمَ اللَّامَ مِنْهُمَا فِي الْأَحْرُفِ الثَّمَانِيَةِ الْكِسَائِيُّ‏.‏ وَوَافَقَهُ حَمْزَةُ فِي التَّاءِ وَالثَّاءِ، وَالسِّينِ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي ‏{‏بَلْ طَبَعَ‏}‏ فَرَوَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ عَنْهُ إِدْغَامَهَا وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ فِي رِوَايَةِ خَلَّادٍ، وَكَذَا رَوَى صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيِّ عَنْ خَلَّادٍ، وَرَوَاهُ نَصًّا عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَرَوَاهُ الْجُمْهُورُ عَنْ خَلَّادٍ بِالْإِظْهَارِ وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ وَاخْتَارَ الْإِدْغَامَ، وَقَالَ فِي التَّيْسِيرِ‏:‏ وَبِهِ آخُذُ‏.‏

وَرَوَى صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنِ الْمُطَّوِّعِيِّ عَنْ خَلَفٍ بِإِدْغَامِهِ‏.‏ وَقَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ فِي كِتَابِهِ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْ خَلَفٍ عَنْ سُلَيْمٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى حَمْزَةَ ‏{‏بَلْ طَبَعَ‏}‏ مُدْغَمًا فَيُجِيزُهُ‏.‏ وَقَالَ خَلَفٌ فِي كِتَابِهِ عَنْ سُلَيْمٍ عَنْ حَمْزَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ بِالْإِظْهَارِ فَيُجِيزُهُ وَبِالْإِدْغَامِ فَلَا يَرُدُّهُ‏.‏ وَكَذَا رَوَى الدُّورِيُّ عَنْ سُلَيْمٍ، وَكَذَا رَوَى الْعَبْسِيُّ وَالْعِجْلِيُّ عَنْ حَمْزَةَ‏.‏ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي ثُبُوتِ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا عَنْ حَمْزَةَ إِلَّا أَنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَ أَهْلِ الْأَدَاءِ عَنْهُ الْإِظْهَارُ‏.‏ وَأَظْهَرَهَا هِشَامٌ عِنْدَ الضَّادِ وَالنُّونِ فَقَطْ وَأَدْغَمَهَا عِنْدَ السِّتَّةِ الْأَحْرُفِ الْبَاقِيَةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ أُصُولُهُ‏.‏

وَخَصَّ بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَاءِ الْإِدْغَامَ بِالْحُلْوَانِيِّ فَقَطْ كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ صَاحِبِ التَّجْرِيدِ وَأَبِي الْعِزِّ، فِي كِفَايَتِهِ‏.‏ وَلَكِنْ خَالَفَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ فَعَمَّمَ الْإِدْغَامَ لِهِشَامٍ مِنْ طَرِيقَيِ الْحُلْوَانِيِّ وَالدَّاجُونِيِّ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُفَنِّدْ طَرِيقَ الدَّاجُونِيِّ إِلَّا مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْعِزِّ‏.‏

وَكَذَا نَصَّ عَلَى الْإِدْغَامِ لِهِشَامٍ بِكَمَالِهِ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ فَلَمْ يَحْكِيَا عَنْهُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا‏.‏ وَأَمَّا سِبْطُ الْخَيَّاطِ فَنَصَّ فِي مُبْهِجِهِ عَلَى الْإِدْغَامِ لِهِشَامٍ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ وَالدَّاجُونِيِّ فِي لَامِ هَلْ فَقَطْ‏.‏ وَنَصَّ عَلَى الْإِدْغَامِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ وَالْأَخْفَشِ فِي لَامِ ‏{‏بَلْ‏}‏ وَلَعَلَّهُ سَهْوُ قَلَمٍ مِنَ الدَّاجُونِيِّ إِلَى الْأَخْفَشِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَاسْتَثْنَى جُمْهُورُ رُوَاةِ الْإِدْغَامِ عَنْ هِشَامٍ اللَّامَ مِنْ هَلْ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ‏}‏‏.‏ وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي الشَّاطِبِيَّةِ وَالتَّيْسِيرِ وَالْكَافِي، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهَادِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُسْتَنِيرِ، وَغَايَةِ أَبِي الْعَلَاءِ‏.‏ وَلَمْ يَسْتَثْنِهَا أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ فِي كِفَايَتِهِ وَلَمْ يَسْتَثْنِهَا فِي الْكَامِلِ لِلدَّاجُونِيِّ وَاسْتَثْنَاهَا لِلْحُلْوَانِيِّ‏.‏

وَرَوَى صَاحِبُ التَّجْرِيدِ إِدْغَامَهَا مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ وَإِظْهَارَهَا مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي‏.‏ وَنَصَّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا عَنِ الْحُلْوَانِيِّ فَقَطْ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ فَقَالَ‏:‏ وَاخْتُلِفَ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ هِشَامٍ فِيهَا‏.‏ فَرَوَى الشَّذَائِيُّ إِدْغَامَهَا‏.‏ وَرَوَى غَيْرُهُ الْإِظْهَارَ قَالَ وَبِهِمَا قَرَأْتُ عَلَى شَيْخِنَا الشَّرِيفِ انْتَهَى‏.‏

وَمُقْتَضَاهُ الْإِدْغَامُ لِلدَّاجُونِيِّ بِلَا خِلَافٍ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو فِي جَامِعِهِ وَحَكَى لِي أَبُو الْفَتْحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ هِشَامٍ ‏{‏أَمْ هَلْ تَسْتَوِي‏}‏ بِالْإِدْغَامِ كَنَظَائِرِهِ فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ قَالَ، وَكَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ الْحُلْوَانِيُّ فِي كِتَابِهِ انْتَهَى‏.‏ وَهُوَ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْوَجْهَيْنِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَظْهَرَ الْبَاقُونَ اللَّامَ مِنْهُمَا عِنْدَ الْحُرُوفِ الثَّمَانِيَةِ إِلَّا أَبَا عَمْرٍو فَإِنَّهُ يُدْغِمُ اللَّامَ مِنْ ‏{‏هَلْ تَرَى‏}‏‏.‏ فِي الْمُلْكِ وَالْحَاقَّةِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ‏.‏

بَابُ حُرُوفٍ قَرُبَتْ مَخَارِجُهَا

وَتَنْحَصِرُ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ حَرْفًا‏:‏

‏[‏1- إِدْغَامُ الْبَاءِ السَّاكِنَةِ عِنْدَ الْفَاءِ‏]‏

الْأَوَّلُ‏:‏ الْبَاءُ السَّاكِنَةُ عِنْدَ الْفَاءِ إِدْغَامٌ وَذَلِكَ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ‏.‏ فِي النِّسَاءِ ‏{‏أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ‏}‏ وَفِي الرَّعْدِ ‏{‏وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ‏}‏ وَفِي سُبْحَانَ ‏{‏قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ‏}‏ وَفِي طه ‏{‏اذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ‏}‏ وَفِي الْحُجُرَاتِ ‏{‏وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ‏}‏ فَأَدْغَمَ الْبَاءَ فِي الْفَاءِ فِيهَا أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ، وَاخْتُلِفَ عَنْ هِشَامٍ وَخَلَّادٍ، فَأَمَّا هِشَامٌ فَرَوَاهَا عَنْهُ بِالْإِدْغَامِ أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ‏.‏ وَكَذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ‏.‏ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ سَوَّارٍ مِنْ طَرِيقِ هِبَةِ اللَّهِ الْمُفَسِّرِ عَنِ الدَّاجُونِيِّ عَنْهُ وَمِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، رَوَاهُ الْهُذَلِيُّ عَنْ هِشَامٍ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَلَى الْفَارِسِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ‏.‏ وَبِهِ قَطَعَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الشَّذَائِيُّ عَنْ هِشَامٍ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، وَقَالَ‏:‏ لَا خِلَافَ عَنْ هِشَامٍ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ قَالَ لِي أَبُو الْفَتْحِ عَنْ عَبْدِ الْبَاقِي عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْ هِشَامٍ بِالْوَجْهَيْنِ انْتَهَى‏.‏ وَرَوَاهُ الْجُمْهُورُ عَنْ هِشَامٍ بِالْإِظْهَارِ وَعَلَيْهِ أَهْلُ الْغَرْبِ قَاطِبَةً وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِي التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالْكَافِي، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّذْكِرَةِ، وَغَيْرِهَا سِوَاهُ وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ وَعَلَى الْمَالِكِيِّ وَالْفَارِسِيِّ مِنْ طَرِيقِ الدَّاجُونِيِّ‏.‏ وَكَذَا رَوَى صَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ عَنِ النَّهْرَوَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ الدَّاجُونِيِّ وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ وَعَلَى أَبِي الْفَتْحِ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ السَّامَرِّيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ قَالَ‏:‏ وَبِهِ قَرَأْتُ فِي رِوَايَةِ الْحُلْوَانِيِّ وَبِهِ آخُذُ‏.‏

وَانْفَرَدَ الرَّمْلِيُّ عَنِ الصُّورِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ بِإِدْغَامِهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ وَغَايَةِ الِاخْتِصَارِ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ وَأَمَّا خَلَّادٌ فَرَوَاهَا عَنْهُ بِالْإِدْغَامِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْأَدَاءِ وَعَلَى ذَلِكَ الْمَغَارِبَةُ قَاطِبَةً كَابْنِ شُرَيْحٍ وَابْنِ سُفْيَانَ وَمَكِّيٍّ وَالْمَهْدَوِيِّ وَابْنِ غَلْبُونَ وَالْهُذَلِيِّ وَفِي الْمُسْتَنِيرِ مِنْ طَرِيقِ النَّهْرَوَانِيِّ‏.‏ وَأَظْهَرَهَا عَنْهُ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ كَابْنِ سَوَّارٍ وَأَبِي الْعِزِّ وَأَبِي الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيِّ وَسِبْطِ الْخَيَّاطِ‏.‏ وَخَصَّ بَعْضُ الْمُدْغِمِينَ عَنْ خَلَّادٍ الْخِلَافَ بِحَرْفِ الْحُجُرَاتِ فَذَكَرَ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ عَلَى التَّخْيِيرِ، كَصَاحِبِ التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَذَكَرَ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ‏.‏ فَرَوَى الْإِدْغَامَ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي- يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شَاذَانَ- وَالْإِظْهَارَ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ وَالْمَالِكِيِّ- يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ الْوَزَّانِ‏.‏ وَقَالَ الْحَافِظُ الدَّانِيُّ فِي الْجَامِعِ قَالَ لِي أَبُو الْفَتْحِ‏:‏ خَيَّرَ خَلَّادٌ فِيهِ فَأَقْرَأَنِيهِ بِالْوَجْهَيْنِ‏.‏ وَرَوَى فِيهِ الْإِظْهَارَ وَجْهًا وَاحِدًا صَاحِبُ الْعُنْوَانِ‏.‏

‏[‏2- إِدْغَامُ الْبَاءِ فِي الْمِيمِ‏]‏

الثَّانِي‏:‏ ‏{‏يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ‏}‏ فِي الْبَقَرَةِ أَدْغَمَ الْبَاءَ مِنْهُ فِي الْمِيمِ إِدْغَامُ الْبَاءِ فِي الْمِيمِ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ وَحَمْزَةَ وَقَالُونَ فَأَمَّا ابْنُ كَثِيرٍ فَقَطَعَ لَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَالْكَافِي، وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ بِالْإِدْغَامِ بِلَا خِلَافٍ، وَقَطَعَ لِقُنْبُلٍ بِالْإِدْغَامِ وَجْهًا وَاحِدًا فِي الْإِرْشَادِ وَالْمُسْتَنِيرِ، وَالْكَامِلِ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ وَالْهُذَلِيُّ وَسِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي كِفَايَتِهِ، وَقَطَعَ بِهِ لِلْبَزِّيِّ وَجْهًا وَاحِدًا فِي الْهِدَايَةِ وَالْهَادِي، وَقَطَعَ بِهِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَبِيعَةَ صَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ وَالْمُبْهِجِ، وَقَطَعَ بِهِ لِقُنْبُلٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُجَاهِدٍ أَبُو الْعِزِّ وَسِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي مُبْهِجِهِ وَهُوَ طَرِيقُ ابْنِ الْحُبَابِ وَابْنِ بَنَانٍ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ‏.‏

وَقَطَعَ بِالْإِظْهَارِ لِلْبَزِّيِّ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ، وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُجَاهِدٍ وَفِي الْكِفَايَةِ الْكُبْرَى لِلنَّقَّاشِ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ لِلْبَزِّيِّ وَلِقُنْبُلٍ عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ بِكَمَالِهِ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ‏.‏ وَالَّذِي تَقْتَضِيهِ طُرُقُهُمَا هُوَ الْإِظْهَارُ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّانِيَّ نَصَّ عَلَى الْإِظْهَارِ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ لِابْنِ كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ قُنْبُلٍ وَمِنْ رِوَايَةِ النَّقَّاشِ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ، هَذَا لَفْظُهُ وَهَاتَانِ الطَّرِيقَتَانِ هُمَا اللَّتَانِ فِي التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْإِدْغَامُ لِابْنِ كَثِيرٍ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي التَّيْسِيرِ لَهُ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ مِمَّا خَرَجَ فِيهِ عَنْ طُرُقِهِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ، وَالْوَجْهَانِ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ صَحِيحَانِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا حَمْزَةُ فَرَوَى لَهُ الْإِدْغَامَ الْمَغَارِبَةُ قَاطِبَةً وَكَثِيرٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ‏.‏ وَرَوَى لَهُ الْإِظْهَارَ وَجْهًا وَاحِدًا صَاحِبُ الْعُنْوَانِ وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ‏.‏ وَقَطَعَ لَهُ صَاحِبُ الْكَامِلِ فِي رِوَايَةِ خَلَفٍ وَفِي رِوَايَةِ خَلَّادٍ مِنْ طَرِيقِ الْوَزَّانِ‏.‏ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي التَّجْرِيدِ لِخَلَّادٍ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي‏.‏ وَالْخِلَافُ عَنْهُ فِي رِوَايَتَيْهِ جَمِيعًا فِي الْمُسْتَنِيرِ وَغَايَةِ ابْنِ مِهْرَانَ وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى الْإِظْهَارِ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى عَنْ خَلَّادٍ وَابْنِ جُبَيْرٍ كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمٍ‏.‏ وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا قَالُونُ فَرَوَى عَنْهُ الْإِدْغَامَ الْأَكْثَرُونَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ وَهُوَ رِوَايَةُ الْمَغَارِبَةِ قَاطِبَةً عَنْ قَالُونَ‏.‏ وَهُوَ الَّذِي عَنْهُ فِي التَّجْرِيدِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ‏.‏ وَرَوَى عَنْهُ الْإِظْهَارَ مِنْ طَرِيقَيْهِ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَسِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي كِفَايَتِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ صَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ وَالْكِفَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْمُبْهِجِ وَالْكَامِلِ، وَالْجُمْهُورُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ مِنَ الْجَازِمِينَ بِالْإِظْهَارِ وَجْهًا وَاحِدًا وَهُوَ وَرْشٌ وَحْدَهُ، وَوَقَعَ فِي الْكَامِلِ أَنَّهُ لِخَلَفٍ فِي اخْتِيَارِهِ وَهُوَ وَهْمٌ، وَكَذَلِكَ ظَاهِرُ الْمُبْهِجِ لِلْكِسَائِيِّ وَهُوَ سَهْوُ قَلَمٍ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏[‏3- إِدْغَامُ الْبَاءِ فِي الْمِيمِ‏]‏

الثَّالِثُ‏:‏ ‏{‏ارْكَبْ مَعَنَا‏}‏ فِي هُودٍ أَدْغَمَهُ أَيْضًا أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ، وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ وَعَاصِمٍ وَقَالُونَ وَخَلَّادٍ‏.‏ فَأَمَّا ابْنُ كَثِيرٍ فَقَطَعَ لَهُ بِالْإِدْغَامِ وَجْهًا وَاحِدًا مَكِّيٌّ وَابْنُ سُفْيَانَ وَالْمَهْدَوِيُّ وَابْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ بَلِّيمَةَ وَصَاحِبُ الْعُنْوَانِ وَجُمْهُورُ الْمَغَارِبَةِ وَبَعْضُ الْمَشَارِقَةِ، وَقَطَعَ لَهُ بِالْإِظْهَارِ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ مِنْ جَمِيعِ رِوَايَاتِهِ وَطُرُقِهِ سِوَى الزَّيْنَبِيِّ وَلَيْسَ فِي طُرُقِنَا‏.‏ وَرَوَى عَنْهُ الْإِظْهَارَ مِنْ رِوَايَةِ الْبَزِّيِّ النَّقَّاشُ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ‏.‏ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْتَنِيرِ وَالْكِفَايَةِ وَالْغَايَةِ وَالتَّجْرِيدِ، وَالْإِرْشَادِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمُبْهِجِ‏.‏

وَخَصَّ الْأَكْثَرُونَ قُنْبُلًا بِالْإِظْهَارِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شَنَبُوذَ‏.‏ وَالْإِدْغَامِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُجَاهِدٍ‏.‏ وَهُوَ الَّذِي فِي الْكِفَايَةِ فِي السِّتِّ وَغَايَةِ أَبِي الْعَلَاءِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ عَنِ الْبَزِّيِّ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَالْوَجْهَانِ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَتَيْهِ صَحِيحَانِ‏.‏

وَأَمَّا عَاصِمٌ فَقَطَعَ لَهُ جَمَاعَةٌ بِالْإِظْهَارِ، وَالْأَكْثَرُونَ بِالْإِدْغَامِ‏.‏ وَالصَّوَابُ إِظْهَارُهُ مِنْ طَرِيقِ الْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ حَفْصٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ‏.‏ وَرَوَاهُ ابْنُ سَوَّارٍ عَنِ الطَّبَرِيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ حَفْصٍ وَلَمْ يَذْكُرِ الْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ الْإِدْغَامَ لِغَيْرِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ عُبَيْدٍ‏.‏ وَقَدْ رَوَى الْإِظْهَارَ نَصًّا عَنْ حَفْصٍ هُبَيْرَةُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَمَّا قَالُونُ فَقَطَعَ لَهُ بِالْإِدْغَامِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْهَادِي، وَالتَّجْرِيدِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ‏.‏ وَقَطَعَ لَهُ بِالْإِظْهَارِ فِي الْإِرْشَادِ وَالْكِفَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏ وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى تَخْصِيصِ الْإِدْغَامِ بِطَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ وَالْإِظْهَارِ بِالْحُلْوَانِيِّ، وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ وَسِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي كِفَايَتِهِ‏.‏ وَعَكَسَ ذَلِكَ فِي الْمُبْهِجِ فَجَعَلَ الْإِدْغَامَ لِلْحُلْوَانِيِّ، وَالْوَجْهَانِ عَنْ قَالُونَ صَحِيحَانِ‏.‏ وَهُمَا فِي التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالْإِعْلَانِ‏.‏ وَأَمَّا خَلَّادٌ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْإِظْهَارِ لَهُ وَهُوَ الَّذِي فِي الْكَافِي وَالْهَادِي، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالتَّجْرِيدِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْعُنْوَانِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ‏.‏ وَقَطَعَ لَهُ صَاحِبُ الْكَامِلِ بِالْإِدْغَامِ وَهُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ عَنْهُ‏.‏ وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْخُنَيْسِيُّ وَعَنْبَسَةُ بْنُ النَّضْرِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ كُلُّهُمْ عَنْ خَلَّادٍ وَبِهِ قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ‏.‏ وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا عَنْ خَلَّادٍ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالْإِعْلَانِ، وَقَدْ صَحَّا نَصًّا وَأَدَاءً‏.‏

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْإِظْهَارِ وَهُمُ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَخَلَفٌ وَوَرْشٌ وَخَلَفٌ عَنْ حَمْزَةَ، وَرَوَى بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَاءِ الْإِظْهَارَ عَنْ يَعْقُوبَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّذْكِرَةِ وَفِي الْكَامِلِ أَيْضًا تَبَعًا لِابْنِ مِهْرَانَ‏.‏ وَإِنَّمَا وَرَدَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَتَيْ رُوَيْسٍ وَرَوْحٍ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ قَرَأْتُ وَبِهِ آخُذُ‏.‏

وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ بِالْإِدْغَامِ عَنْ وَرْشٍ، يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَكَذَا أَبُو الْعَلَاءِ عَنِ الْحَمَّامِيِّ فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏[‏4- إِدْغَامُ الْفَاءِ وَالْبَاءِ‏]‏

الرَّابِعُ ‏{‏نَخْسِفْ بِهِمُ‏}‏‏.‏ فِي سَبَأٍ‏.‏ فَأَدْغَمَ الْفَاءَ فِي الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ إِنْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْكِسَائِيُّ وَأَظْهَرَهَا الْبَاقُونَ‏.‏

‏[‏5- الرَّاءُ السَّاكِنَةُ عِنْدَ اللَّامِ‏]‏

الْخَامِسُ الرَّاءُ السَّاكِنَةُ عِنْدَ اللَّامِ نَحْوَ ‏{‏وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ‏}‏، ‏{‏يَغْفِرْ لَكُمْ‏}‏، ‏{‏وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ‏}‏، وَ‏{‏يَنْشُرْ لَكُمْ‏}‏، وَ‏{‏أَنِ اشْكُرْ لِي‏}‏ فَأَدْغَمَ الرَّاءَ فِي اللَّامِ فِي ذَلِكَ أَبُو عَمْرٍو مِنْ رِوَايَةِ السُّوسِيِّ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ‏.‏ فَرَوَاهُ عَنْهُ بِالْإِدْغَامِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ فِي كَافِيهِ، وَأَبُو الْعِزِّ فِي إِرْشَادِهِ وَكِفَايَتِهِ، وَأَبُو الْعَلَاءِ فِي غَايَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالْكِفَايَةِ فِي الْقِرَاءَاتِ السِّتِّ، وَرَوَاهُ بِالْإِظْهَارِ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ فِي تَبْصِرَتِهِ وَابْنُ بَلِّيمَةَ فِي تَلْخِيصِهِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ عَنِ الدُّورِيِّ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيُّ وَالْمَهْدَوِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ‏.‏ وَانْفَرَدَ بِالْخِلَافِ عَنِ السُّوسِيِّ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ وَالْخِلَافُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ‏.‏ فَمَنْ أَدْغَمَ الْإِدْغَامَ الْكَبِيرَ لِأَبِي عَمْرٍو لَمْ يَخْتَلِفْ فِي إِدْغَامِ هَذَا، بَلْ أَدْغَمَهُ وَجْهًا وَاحِدًا، وَمَنْ رَوَى الْإِظْهَارَ اخْتُلِفَ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ الدُّورِيِّ‏.‏ فَمِنْهُمْ مَنْ رَوَى إِدْغَامَهُ‏.‏ وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَى إِظْهَارَهُ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْإِدْغَامِ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو‏.‏

وَبِالْإِدْغَامِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ قِرَاءَتِهِ بِذَلِكَ عَلَى أَبِي طَاهِرٍ عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، وَهِيَ الطَّرِيقُ الْمُسْنَدَةُ فِي التَّيْسِيرِ؛ قَالَ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ، وَقَدْ بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ رَجَعَ عَنِ الْإِدْغَامِ إِلَى الْإِظْهَارِ اخْتِيَارًا وَاسْتِحْسَانًا وَمُتَابَعَةً لِمَذْهَبِ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسِتِّ سِنِينَ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ إِنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ فَإِنَّمَا هُوَ فِي وَجْهِ إِظْهَارِ الْكَبِيرِ‏.‏ أَمَّا فِي وَجْهِ إِدْغَامِهِ فَلَا ؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَدْغَمَ الرَّاءَ الْمُتَحَرِّكَةَ فِي اللَّامِ فَإِدْغَامُهَا سَاكِنَةً أَوْلَى وَأَحْرَى- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏[‏6- إِدْغَامُ اللَّامِ السَّاكِنَةِ عِنْدَ الذَّالِ‏]‏

السَّادِسُ اللَّامُ السَّاكِنَةُ فِي الذَّالِ إِدْغَام وَذَلِكَ ‏{‏مَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ‏}‏ حَيْثُ وَقَعَ كَقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ‏}‏، ‏{‏وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ‏}‏ فَأَدْغَمَهَا أَبُو الْحَارِثِ عَنِ الْكِسَائِيِّ وَأَظْهَرَهَا الْبَاقُونَ‏.‏

‏[‏7- إِدْغَامُ الدَّالِ عِنْدَ الثَّاءِ‏]‏

السَّابِعُ الدَّالُ عِنْدَ الثَّاءِ إِدْغَام وَهُوَ مَوْضِعَانِ فِي آلِ عِمْرَانَ ‏{‏وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا‏}‏، ‏{‏وَمَنْ يَرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ‏}‏ فَأَدْغَمَ الدَّالَ فِي الثَّاءِ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ‏.‏ وَأَظْهَرَهَا الْبَاقُونَ‏.‏

‏[‏8- إِدْغَامُ الثَّاءِ فِي الذَّالِ‏]‏

الثَّامِنُ الثَّاءُ فِي الذَّالِ، إِدْغَام وَهُوَ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ ‏{‏يَلْهَثْ ذَلِكَ‏}‏ فِي الْأَعْرَافِ فَأَظْهَرَ الثَّاءَ عِنْدَ الذَّالِ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَعَاصِمٌ وَهِشَامٌ، عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمْ فِيهِ‏.‏ فَأَمَّا نَافِعٌ فَرَوَى إِدْغَامَهُ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ قَالُونَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ وَابْنُ شُرَيْحٍ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْجُمْهُورُ مِنَ الْمَغَارِبَةِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمَشَارِقَةِ، وَرَوَاهُ ابْنُ سَوَّارٍ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ، وَكَذَلِكَ سِبْطُ الْخَيَّاطِ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَرَوَاهُ أَبُو الْعِزِّ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ، وَعَنْ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ‏.‏ وَبِهِ قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ عَنْ قَالُونَ وَعَلَى أَبِي الْفَتْحِ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ السَّامَرِّيِّ وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ فِي التَّيْسِيرِ وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَرَوَاهُ عَنْهُ بِالْإِظْهَارِ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ وَبَعْضُهُمْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ وَالْحُلْوَانِيِّ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ وَهُوَ طَرِيقُ إِسْمَاعِيلَ وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي، وَرَوَى إِظْهَارَهُ عَنْ وَرْشٍ، جُمْهُورُ الْمَشَارِقَةِ وَالْمَغَارِبَةِ وَخَصَّ بَعْضُهُمُ الْإِظْهَارَ بِالْأَزْرَقِ وَبَعْضُهُمْ بِالْأَصْبَهَانِيِّ‏.‏ وَرَوَى إِدْغَامَهُ عَنْ وَرْشٍ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ، وَرَوَاهُ أَبُو الْفَضْلِ الْخُزَاعِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ، وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْهُذَلِيُّ‏.‏

وَأَمَّا ابْنُ كَثِيرٍ فَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي الْإِظْهَارِ وَالْإِدْغَامِ فَرَوَى لَهُ أَكْثَرُ الْمَغَارِبَةِ الْإِظْهَارَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْعِزِّ فِي كِفَايَتِهِ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ النَّقَّاشِ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ عَنِ الْبَزِّيِّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْإِمَامُ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ إِلَّا مِنَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ وَمِنْ غَيْرِ طَرِيقِ النَّهْرَوَانِيِّ عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ قُنْبُلٍ‏.‏ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ أَيْضًا، وَعَنْ قُنْبُلٍ إِلَّا الزَّيْنَبِيَّ‏.‏ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ الْقَوَّاسِ‏.‏ وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ فُلَيْحٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْخُزَاعِيُّ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ قُنْبُلٍ فَقَطْ، وَكُلُّهُمْ رَوَى الْإِدْغَامَ عَنْ سَائِرِ أَصْحَابِ ابْنِ كَثِيرٍ‏.‏

وَأَمَّا عَاصِمٌ فَاخْتَلَفُوا عَنْهُ أَيْضًا فَقَالَ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ‏:‏ أَقْرَأَنِيَ فَارِسُ بْنُ أَحْمَدَ لِعَاصِمٍ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَبَا أَحْمَدَ السَّامَرِّيَّ بِالْإِظْهَارِ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْبَاقِي بِالْإِدْغَامِ قَالَ، وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الْوَلِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنِ الْأُشْنَانِيِّ عَنْ عُبَيْدٍ عَنْ حَفْصٍ بِالْإِظْهَارِ‏.‏ انْتَهَى‏.‏ وَقَطَعَ لَهُ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْخَبَّازِيُّ مِنْ رِوَايَتِي أَبِي بَكْرٍ وَحَفْصٍ، وَغَيْرِهِمَا بِالْإِظْهَارِ‏.‏ وَذَكَرَ الْخِلَافَ عَنْ حَفْصٍ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَرَوَى الْجُمْهُورُ مِنَ الْمَغَارِبَةِ وَالْمَشَارِقَةِ عَنْ عَاصِمٍ مِنْ جَمِيعِ رِوَايَاتِهِ الْإِدْغَامَ وَهُوَ الْأَشْهَرُ عَنْهُ‏.‏

وَأَمَّا أَبُو جَعْفَرٍ فَالْأَكْثَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ عَلَى الْأَخْذِ لَهُ بِالْإِظْهَارِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَنَصَّ لَهُ أَبُو الْفَضْلِ الْخُزَاعِيُّ عَلَى الْإِدْغَامِ وَجْهًا وَاحِدًا وَاخْتَارَهُ الْهُذَلِيُّ‏.‏ وَلَمْ يَأْخُذْ أَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ لَهُ بِسِوَاهُ‏.‏ وَأَمَّا هِشَامٌ فَرَوَى جُمْهُورُ الْمَغَارِبَةِ عَنْهُ الْإِظْهَارَ وَأَكْثَرُ الْمَشَارِقَةِ عَلَى الْإِدْغَامِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الدَّاجُونِيِّ‏.‏ وَعَلَى الْإِظْهَارِ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُبْهِجِ وَالْكَامِلِ، وَالْمُنْتَهَى وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ لَهُ الْإِدْغَامَ مِنْ طَرِيقِ هِبَةِ اللَّهِ الْمُفَسِّرِ عَنِ الدَّاجُونِيِّ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ فَقَدْ ثَبَتَ الْخِلَافُ فِي إِدْغَامِهِ وَإِظْهَارِهِ عَمَّنْ ذَكَرْتُ‏.‏ وَصَحَّ الْأَخْذُ بِهِمَا جَمِيعًا عَنْهُمْ وَإِنْ كَانَ الْأَشْهَرُ عَنْ بَعْضِهِمُ الْإِدْغَامَ، وَعَنْ آخَرِينَ الْإِظْهَارَ‏.‏ فَإِنَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ وَيَصِحُّ فِي الِاعْتِبَارِ هُوَ الْإِدْغَامُ لَوْلَا صِحَّةُ الْإِظْهَارِ عَنْهُمْ عِنْدِي لَمْ آخُذْ لَهُمْ وَلَا لِغَيْرِهِمْ بِغَيْرِ الْإِدْغَامِ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَرْفَيْنِ إِذَا كَانَا مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ وَسَكَنَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا يَجِبُ الْإِدْغَامُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ، وَلَا مَانِعَ هُنَا، فَقَدْ حَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ الْإِجْمَاعَ عَلَى إِدْغَامِهِ فَقَالَ مَا نَصُّهُ‏:‏ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى إِدْغَامِ الثَّاءِ فِي الذَّالِ مِنْ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏يَلْهَثْ ذَلِكَ‏}‏ إِلَّا النَّقَّاشَ فَإِنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ الْإِظْهَارَ فِيهِ لِابْنِ كَثِيرٍ وَعَاصِمٍ بِرِوَايَةِ حَفْصٍ وَنَافِعٍ بِرِوَايَةِ قَالُونَ‏.‏ قَالَ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَذْكُرُ الْبُخَارِيُّ الْمُقْرِئُ لِابْنِ كَثِيرٍ وَحْدَهُ إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ بَيْنَ الْإِظْهَارِ وَالْإِدْغَامِ عَلَى مَا يَخْرُجُ فِي اللَّفْظِ قَالَ، وَقَالَ الْآخَرُونَ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مُدْغَمًا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏[‏9- إِدْغَامُ الذَّالِ فِي التَّاءِ إِذَا وَقَعَ قَبْلَ الذَّالِ خَاءٌ‏]‏

التَّاسِعُ الذَّالُ فِي التَّاءِ إِذَا وَقَعَ قَبْلَ الذَّالِ خَاءٌ إِدْغَام نَحْوَ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ‏}‏، ‏{‏قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ‏}‏، وَ‏{‏ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ‏}‏، وَ‏{‏لَتَّخَذْتَ‏}‏ فَأَظْهَرَ الذَّالَ عِنْدَ التَّاءِ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَفْصٌ، وَاخْتُلِفَ عَنْ رُوَيْسٍ فَرَوَى الْحَمَّامِيُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ وَالْقَاضِي أَبُو الْعَلَاءِ وَابْنُ الْعَلَّافِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَنِ النَّخَّاسِ عَنِ التَّمَّارِ عَنْهُ بِالْإِظْهَارِ‏.‏ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْتَنِيرِ وَالْكِفَايَةِ وَالْإِرْشَادِ وَالْجَامِعِ وَالرَّوْضَةِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ وَرَوَى أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ مِقْسَمٍ كِلَاهُمَا عَنِ التَّمَّارِ عَنْهُ بِالْإِدْغَامِ‏.‏ وَكَذَا رَوَى الْخَبَّازِيُّ وَالْخُزَاعِيُّ عَنِ النَّخَّاسِ عَنِ التَّمَّارِ عَنْهُ‏.‏ وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ وَابْنُ مِهْرَانَ فِي غَايَتِهِ‏.‏ وَرَوَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ التَّمَّارِ الْإِظْهَارَ فِي حَرْفِ الْكَهْفِ وَهُوَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا‏}‏ فَقَطْ، وَالْإِدْغَامَ فِي بَاقِي الْقُرْآنِ، وَكَذَا رَوَى الْكَارَزِينِيُّ عَنِ النَّخَّاسِ‏.‏ وَهُوَ الَّذِي فِي التَّذْكِرَةِ وَالْمُبْهِجِ‏.‏

‏[‏10- إِدْغَامُ الذَّالِ فِي التَّاءِ‏]‏

الْعَاشِرُ‏:‏ الذَّالُ فِي التَّاءِ ‏{‏فَنَبَذْتُهَا‏}‏ مِنْ سُورَةِ طه‏:‏ فَأَدْغَمَهَا أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ‏.‏

وَاخْتُلِفَ عَنْ هِشَامٍ فَقَطَعَ لَهُ الْمَغَارِبَةُ قَاطِبَةً بِالْإِظْهَارِ وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْكَافِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ وَقَطَعَ لَهُ جُمْهُورُ الْمَشَارِقَةِ بِالْإِدْغَامِ‏.‏ وَهُوَ الَّذِي فِي الْكِفَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْمُسْتَنِيرِ، وَالْكَامِلِ، وَغَايَةِ أَبِي الْعَلَاءِ، وَغَيْرِهَا‏.‏ وَرَوَاهُ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ الدَّاجُونِيِّ‏.‏ وَكَذَا ذَكَرَهُ لَهُ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ‏.‏ وَرَوَاهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ‏.‏ وَالْوَجْهَانِ عَنْهُ صَحِيحَانِ‏.‏ إِلَّا أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا عَمْرٍو قَرَأَ بِالْإِظْهَارِ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ‏.‏ وَانْفَرَدَ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْقَبَّابِ، عَنِ الصُّورِيِّ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ بِإِدْغَامِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏[‏11- إِدْغَامُ الذَّالِ فِي التَّاءِ‏]‏

الْحَادِي عَشَرَ الذَّالُ فِي التَّاءِ إِدْغَام فِي ‏{‏عُذْتُ بِرَبِّي‏}‏ فِي غَافِرٍ وَالدُّخَانِ فَأَدْغَمَهَا أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَخَلَفٌ، وَاخْتُلِفَ عَنْ هِشَامٍ فَقَطَعَ لَهُ بِالْإِدْغَامِ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ كَابْنِ سَوَّارٍ وَأَبِي الْعِزِّ، وَالْحَافِظِ أَبِي الْعَلَاءِ وَالْهُذَلِيِّ، وَقَطَعَ لَهُ بِالْإِظْهَارِ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّجْرِيدِ، وَالْمَغَارِبَةُ قَاطِبَةً وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ مِنْ طَرِيقَيِ الْحُلْوَانِيِّ وَالدَّاجُونِيِّ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ‏.‏

‏[‏12- إِدْغَامُ الثَّاءِ فِي التَّاءِ‏]‏

الثَّانِي عَشَرَ الثَّاءُ فِي التَّاءِ إِدْغَام فِي ‏{‏لَبِثْتُمْ‏}‏، وَ‏{‏لَبِثْتَ‏}‏ كَيْفَ جَاءَ فَأَدْغَمَهُ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ؛ وَأَظْهَرَهُ الْبَاقُونَ، وَانْفَرَدَ الْكَارَزِينِيُّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْ رُوَيْسٍ بِالْإِظْهَارِ فِي حَرْفَيِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِدْغَامِ غَيْرِهِمَا‏.‏

‏[‏13- إِدْغَامُ الثَّاءِ فِي التَّاءِ مِنْ ‏{‏أُورِثْتُمُوهَا‏}‏‏]‏

الثَّالِثَ عَشَرَ الثَّاءُ فِي التَّاءِ إِدْغَام أَيْضًا مِنْ ‏{‏أُورِثْتُمُوهَا‏}‏ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنَ الْأَعْرَافِ، وَالزُّخْرُفِ؛ فَأَدْغَمَهَا أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَهِشَامٌ، وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فَرَوَاهُمَا عَنْهُ الصُّورِيُّ بِالْإِدْغَامِ، وَرَوَاهُمَا الْأَخْفَشُ بِالْإِظْهَارِ؛، وَبِذَلِكَ قَرَأَ الْبَاقُونَ وَانْفَرَدَ فِي الْمُبْهِجِ بِالْإِظْهَارِ عَنْ هِشَامٍ مِنْ طَرِيقِ الدَّاجُونِيِّ وَسَائِرِهِمْ لَمْ يَذْكُرْ عَنْ هِشَامٍ فِيهِمَا خِلَافًا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَانْفَرَدَ فِي الْكَامِلِ عَنْ خَلَفٍ بِالْإِدْغَامِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏[‏14- إِدْغَامُ الدَّالِ فِي الذَّالِ‏]‏

الرَّابِعَ عَشَرَ الدَّالُ فِي الذَّالِ مِنْ ‏{‏ص ذِكْرُ‏}‏ إِدْغَام فِي أَوَّلِ سُورَةِ مَرْيَمَ فَأَدْغَمَهَا أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ‏.‏ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْإِظْهَارِ‏.‏

‏[‏15- إِدْغَامُ النُّونِ فِي الْوَاوِ‏]‏

الْخَامِسَ عَشَرَ النُّونُ فِي الْوَاوِ مِنْ ‏{‏يس وَالْقُرْآنِ‏}‏ إِدْغَام فَأَدْغَمَهَا الْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ وَخَلَفٌ وَهِشَامٌ، وَاخْتُلِفَ عَنْ نَافِعٍ وَعَاصِمٍ وَالْبَزِّيِّ وَابْنِ ذَكْوَانَ‏.‏ فَأَمَّا نَافِعٌ فَقَطَعَ لَهُ بِالْإِدْغَامِ مِنْ رِوَايَةِ قَالُونَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ وَابْنُ سَوَّارٍ، فِي الْمُسْتَنِيرِ، وَكَذَلِكَ سِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي كِفَايَتِهِ وَمُبْهِجِهِ، وَكَذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ فِي غَايَتِهِ، وَكَذَلِكَ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِمْ إِلَّا أَنَّ أَبَا الْعِزِّ اسْتَثْنَى عَنْ هِبَةِ اللَّهِ يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ‏.‏ وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَلَى الْفَارِسِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ وَالْحُلْوَانِيِّ جَمِيعًا وَعَلَى ابْنِ نَفِيسٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ، وَقَطَعَ لَهُ بِالْإِظْهَارِ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَجُمْهُورُ الْمَغَارِبَةِ، وَقَطَعَ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ بِالْإِدْغَامِ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ‏.‏ وَبِالْإِظْهَارِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ‏.‏ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ عَنْ قَالُونَ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ‏.‏ وَقَطَعَ لَهُ بِالْإِدْغَامِ مِنْ رِوَايَةِ وَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالْكَافِي، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالْجُمْهُورُ، وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ إِنَّهُ الصَّحِيحُ عَنْ وَرْشٍ، وَقَطَعَ بِالْإِظْهَارِ مِنَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ حَسْبَمَا قَرَأَ بِهِ عَلَى شُيُوخِهِ مِنْ طُرُقِهِمْ‏.‏ وَقَطَعَ بِالْإِدْغَامِ مِنْ طَرِيقِ الْأَصْبَهَانِيِّ أَبُو الْعِزِّ وَابْنُ سَوَّارٍ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَالْمُبْهِجُ، وَالْأَكْثَرُونَ‏.‏ وَبِالْإِظْهَارِ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ، وَالْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عَنْ وَرْشٍ‏.‏ وَأَمَّا الْبَزِّيُّ فَرَوَى عَنْهُ الْإِظْهَارَ أَبُو رَبِيعَةَ، وَرَوَى عَنْهُ الْإِدْغَامَ ابْنُ الْحُبَابِ‏.‏ وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عَنْهُ مِنَ الطَّرِيقَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا نَصَّ عَلَيْهِمَا الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو‏.‏ وَأَمَّا ابْنُ ذَكْوَانَ فَرَوَى عَنْهُ الْإِدْغَامَ الْأَخْفَشُ‏.‏ وَرَوَى عَنْهُ الْإِظْهَارَ الصُّورِيُّ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ مِنْ طَرِيقِ الصُّورِيِّ الْإِدْغَامَ أَيْضًا‏.‏ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، ذَكَرَهُمَا الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ مِنَ الطَّرِيقَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ‏.‏

وَأَمَّا عَاصِمٌ فَقَطَعَ لَهُ الْجُمْهُورُ بِالْإِدْغَامِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، وَبِالْإِظْهَارِ مِنْ طَرِيقِ الْعُلَيْمِيِّ إِلَّا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ رَوَى الْإِظْهَارَ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ كَأَبِي الْعِزِّ وَأَبِي الْعَلَاءِ، وَكَذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْفَحَّامِ فِي تَجْرِيدِهِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ، وَرَوَاهُ فِي الْمُبْهِجِ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ نِفْطَوَيْهِ‏.‏

وَرُوِيَ الْإِدْغَامُ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ فِي كِفَايَتِهِ وَمُبْهَجِهِ‏.‏ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ، وَرَوَى عَنْهُ الْإِدْغَامَ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ الصَّبَّاحِ مِنْ طَرِيقِ زَرْعَانَ، وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّجْرِيدِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرٍو، وَرَوَى عَنْهُ الْإِظْهَارَ مِنْ طَرِيقِ الْفِيلِ‏.‏ وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرٍو عَنْهُ‏.‏ وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ عُبَيْدٍ عَنْهُ أَنَّهُ بِالْإِظْهَارِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْإِظْهَارِ وَجْهًا وَاحِدًا وَهُمْ أَبُو عَمْرٍو، وَحَمْزَةُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ وَقُنْبُلٌ‏.‏

‏[‏16- إِدْغَامُ النُّونِ فِي الْوَاوِ‏]‏

السَّادِسَ عَشَرَ النُّونُ فِي الْوَاوِ مِنْ ‏{‏ن وَالْقَلَمِ‏}‏ إِدْغَام وَالْخِلَافُ فِيهِ كَالْخِلَافِ فِي ‏{‏يس وَالْقُرْآنِ‏}‏ أَدْغَمَ النُّونَ فِي الْوَاوِ الْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ وَخَلَفٌ وَهِشَامٌ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ عَنْ قَالُونَ أَنَّهُ بِالْإِظْهَارِ‏.‏ وَاخْتُلِفَ عَنْ وَرْشٍ وَحْدَهُ، وَعَنْ عَاصِمٍ وَالْبَزِّيِّ وَابْنِ ذَكْوَانَ‏.‏ فَأَمَّا وَرْشٌ، فَقَطَعَ لَهُ بِالْإِدْغَامِ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ وَالتَّلْخِيصِ، وَالْكَامِلِ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَطَعَ لَهُ بِالْإِظْهَارِ صَاحِبُ التَّذْكِرَةِ، وَالْعُنْوَانِ‏.‏ وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ إِنَّهُ الصَّحِيحُ عَنْ وَرْشٍ، وَقَالَ فِي التَّيْسِيرِ‏:‏ إِنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْأَدَاءِ‏.‏ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ، وَقَالَ فِي تَبْصِرَتِهِ إِنَّ الْإِدْغَامَ مَذْهَبُ الشَّيْخِ أَبِي الطَّيِّبِ يَعْنِي ابْنَ غَلْبُونَ‏.‏ وَأَمَّا عَاصِمٌ وَالْبَزِّيُّ وَابْنُ ذَكْوَانَ فَالْخِلَافُ عَنْهُمْ كَالْخِلَافِ فِي ‏{‏يس‏}‏ مِنَ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ إِلَّا أَنَّ سِبْطَ الْخَيَّاطِ قَطَعَ فِي كِفَايَتِهِ لِأَبِي بَكْرٍ مِنْ طَرِيقِ الْعُلَيْمِيِّ بِالْإِدْغَامِ هُنَا وَالْإِظْهَارِ فِي ‏{‏يس‏}‏ وَلَمْ يُفَرِّقْ غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا عَنْهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَأَظْهَرَ النُّونَ مِنْ ‏{‏ن‏}‏ الْبَاقُونَ وَهُمْ أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَقَالُونُ وَقُنْبُلٌ‏.‏

‏[‏17- إِدْغَامُ النُّونِ عِنْدَ الْمِيمِ‏]‏

السَّابِعَ عَشَرَ النُّونُ عِنْدَ الْمِيمِ مِنْ ‏{‏طسم‏}‏ أَوَّلِ الشُّعَرَاءِ وَالْقَصَصِ فَأَظْهَرَ النُّونَ عِنْدَهَا حَمْزَةُ وَأَبُو جَعْفَرٍ‏.‏ وَالْبَاقُونَ بِالْإِدْغَامِ‏.‏ وَأَبُو جَعْفَرٍ مَعَ إِظْهَارِهِ عَلَى أَصْلِهِ فِي السَّكْتِ عَلَى كُلِّ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْفَوَاتِحِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُ مَعَ الْمُظْهِرِينَ فِي هَذِهِ الْفَوَاتِحِ مِنْ أَجْلِ مُوَافَقَتِهِمْ لَهُ فِي الْإِظْهَارِ وَإِلَّا فَمِنْ لَازِمِ السَّكْتِ الْإِظْهَارُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى التَّنْبِيهِ لَهُ عَلَى إِظْهَارِ الْمِيمِ عِنْدَ الْمِيمِ مِنْ ‏{‏الم‏}‏ فَإِنَّهُ إِنَّمَا انْفَرَدَ بِإِظْهَارِهَا مِنْ أَجْلِ السَّكْتِ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ النُّونُ الْمُخْفَاةُ مِنْ عين صاد أَوَّلَ مَرْيَمَ‏.‏ وَالنُّونُ مِنْ ‏{‏طس تِلْكَ‏}‏ أَوَّلَ النَّمْلِ‏.‏ وَالنُّونُ مِنْ ‏{‏عسق‏}‏ فَإِنَّ السَّكْتَ عَلَيْهَا لَا يَتِمُّ إِلَّا بِإِظْهَارِهَا فَلَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ إِلَى تَنْبِيهٍ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَمَا وَقَعَ لِأَبِي شَامَةَ مِنَ النَّصِّ عَلَى الْإِظْهَارِ فِي ‏{‏طس تِلْكَ‏}‏ لِلْجَمِيعِ فَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ، فَاعْلَمْ‏.‏

‏[‏الْإِدْغَامُ الصَّغِيرُ الواجب‏]‏

تَنْبِيهٌ كُلُّ حَرْفَيْنِ الْتَقَيَا أَوَّلُهُمَا سَاكِنٌ وَكَانَا مِثْلَيْنِ أَوْ جِنْسَيْنِ وَجَبَ إِدْغَامُ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا لُغَةً وَقِرَاءَةً فَالْمِثْلَانِ نَحْوَ ‏{‏فَاضْرِبْ بِهِ‏}‏، ‏{‏رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ‏}‏، ‏{‏وَقَدْ دَخَلُوا‏}‏، ‏{‏إِذْ ذَهَبَ‏}‏، ‏{‏وَقُلْ لَهُمْ‏}‏، ‏{‏وَهُمْ مِنْ‏}‏، ‏{‏عَنْ نَفْسٍ‏}‏، ‏{‏اللَّاعِنُونَ‏}‏، ‏{‏يُدْرِكْكُمْ‏}‏، ‏{‏يُوَجِّهْهُ‏}‏ وَالْجِنْسَانِ نَحْوَ ‏{‏قَالَتْ طَائِفَةٌ‏}‏، ‏{‏أَثْقَلَتْ دَعَوَا‏}‏، ‏{‏وَقَدْ تَبَيَّنَ‏}‏، ‏{‏إِذْ ظَلَمْتُمْ‏}‏، ‏{‏بَلْ رَانَ‏}‏، ‏{‏هَلْ رَأَيْتُمْ‏}‏، ‏{‏قُلْ رَبِّي‏}‏ مَا لَمْ يَكُنْ أَوَّلُ الْمِثْلَيْنِ حَرْفَ مَدٍّ نَحْوَ ‏{‏قَالُوا وَهُمْ‏}‏، ‏{‏الَّذِي يُوَسْوِسُ‏}‏ أَوْ أَوَّلُ الْجِنْسَيْنِ حَرْفَ حَلْقٍ نَحْوَ ‏{‏فَاصْفَحْ عَنْهُمْ‏}‏ كَمَا قَدَّمْنَا التَّنْصِيصَ عَلَيْهِ فِي فَصْلِ التَّجْوِيدِ أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ تَقَدَّمَ ذِكْرُ نَحْوِ ‏{‏أَحَطْتُ‏}‏، وَ‏{‏بَسَطْتَ‏}‏ فِي حَرْفِ الطَّاءِ وَأَمَّا ‏{‏أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ‏}‏ فِي الْمُرْسَلَاتِ فَتَقَدَّمَ أَيْضًا مَا حُكِيَ فِيهِ مِنْ وَجْهِي الْإِدْغَامِ الْمَحْضِ وَتَبْقِيَةِ الِاسْتِعْلَاءِ‏.‏

وَقَدِ انْفَرَدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الرَّازِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْأَخْرَمِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ بِإِظْهَارِهِ، وَكَذَلِكَ حُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ قَالُونَ وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ إِظْهَارُ صِفَةِ الِاسْتِعْلَاءِ وَإِلَّا فَإِنْ أَرَادُوا الْإِظْهَارَ الْمَحْضَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، عَلَى أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا عَمْرٍو الدَّانِيَّ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ إِظْهَارَ الصِّفَةِ أَيْضًا غَلَطٌ وَخَطَأٌ فَقَالَ فِي الْجَامِعِ، وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى إِدْغَامِ الْقَافِ فِي الْكَافِ وَقَلْبِهَا كَافًا خَالِصَةً مِنْ غَيْرِ إِظْهَارِ صَوْتٍ لَهَا فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ‏}‏ قَالَ‏:‏ وَرَوَى أَبُو عَلِيِّ بْنُ حَبَشٍ الدَّيْنُورِيُّ أَدَاءً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَرْبٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ قَالُونَ مَظْهَرَةَ الْقَافِ، قَالَ وَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْ قَالُونَ غَلَطٌ فِي الرِّوَايَةِ وَخَطَأٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ قُلْتُ‏:‏ فَإِنْ حَمَلَ الدَّانِيُّ الْإِظْهَارَ مِنْ نَصِّهِمْ عَلَى إِظْهَارِ الصَّوْتِ وَجَعْلِهِ خَطَأً وَغَلَطًا فَفِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ‏.‏ فَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ‏}‏، وَقَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ فِي مَسَائِلَ رُفِعَتْ إِلَيْهِ فَأَجَابَ فِيهَا لَا يُدْغِمُهُ إِلَّا أَبُو عَمْرٍو قَالَ ابْنُ مِهْرَانَ وَهَذَا مِنْهُ غَلَطٌ كَبِيرٌ وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الصَّفَّارَ يَقُولُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهَاشِمِيُّ الْمُقْرِئُ لَا يَجُوزُ إِظْهَارُهُ‏.‏ وَقَالَ ابْنُ شَنَبُوذَ أَجْمَعَ الْقُرَّاءُ عَلَى إِدْغَامِهِ قَالَ ابْنُ مِهْرَانَ، وَكَذَلِكَ قَرَأْنَا عَلَى الْمَشَايِخِ فِي جَمِيعِ الْقِرَاءَاتِ أَعْنِي بِالْإِدْغَامِ إِلَّا عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّقَّاشِ فَإِنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ لِنَافِعٍ وَعَاصِمٍ بِالْإِظْهَارِ وَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ إِلَّا الْبُخَارِيُّ الْمُقْرِئُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ الْإِظْهَارَ عَنْ نَافِعٍ بِرِوَايَةِ وَرْشٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ مِهْرَانَ وَقَرَأْنَاهُ بَيْنَ الْإِظْهَارِ وَالْإِدْغَامِ قَالَ وَهُوَ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ لِمَنْ أَرَادَ تَرْكَ الْإِدْغَامِ فَأَمَّا إِظْهَارٌ بَيِّنٌ فَقَبِيحٌ‏.‏ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ انْتَهَى، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ أَرَادَ بِإِظْهَارِهِ الْإِظْهَارَ الْمَحْضَ قَالَ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إِجْمَاعًا وَأَمَّا الصِّفَةُ فَلَيْسَ بِغَلَطٍ وَلَا قَبِيحٍ، فَقَدْ صَحَّ عِنْدَنَا نَصًّا وَأَدَاءً‏.‏ وَقَرَأْتُ بِهِ عَلَى بَعْضِ شُيُوخِي وَلَمْ يَذْكُرْ مَكِّيٌّ فِي الرِّعَايَةِ غَيْرَهُ وَلَهُ وَجْهٌ مِنَ الْقِيَاسِ ظَاهِرٌ إِلَّا أَنَّ الْإِدْغَامَ الْخَالِصَ أَصَحُّ رِوَايَةً، وَأَوْجَهُ قِيَاسًا بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ أَلْبَتَّةَ فِي قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو فِي وَجْهِ الْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ غَيْرُهُ ؛ لِأَنَّهُ يُدْغِمُ الْمُتَحَرِّكَ مِنْ ذَلِكَ إِدْغَامًا مَحْضًا فَإِدْغَامُ السَّاكِنِ مِنْهُ أَوْلَى وَأَحْرَى، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ ابْنِ مُجَاهِدٍ فِيمَا أَجَابَ عَنْهُ مِنْ مَسَائِلِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ‏.‏ وَأَمَّا ‏{‏مَالِيَهْ هَلَكَ‏}‏ فِي سُورَةِ الْحَاقَّةِ، فَقَدْ حُكِيَ فِيهِ الْإِظْهَارُ مِنْ أَجْلِ كَوْنِهِ هَاءَ سَكْتٍ، كَمَا حُكِيَ عَدَمُ النَّقْلِ فِي ‏{‏كِتَابِيَهْ إِنِّي‏}‏، وَقَالَ مَكِّيٌّ فِي تَبْصِرَتِهِ‏:‏ يَلْزَمُ مَنْ أَلْقَى الْحَرَكَةَ فِي ‏{‏كِتَابِيَهْ إِنِّي‏}‏ أَنْ يُدْغِمَ ‏{‏مَالِيَهْ هَلَكَ‏}‏ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَجْرَاهَا مُجْرَى الْأَصْلِ حِينَ أَلْقَى الْحَرَكَةَ، وَقَدَّرَ ثُبُوتَهَا فِي الْوَصْلِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَبِالْإِظْهَارِ قَرَأْتُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَهُوَ الصَّوَابُ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ‏.‏

قَالَ أَبُو شَامَةَ يَعْنِي بِالْإِظْهَارِ أَنْ يَقِفَ عَلَى ‏{‏مَالِيَهْ هَلَكَ‏}‏ وَقْفَةً لَطِيفَةً‏.‏ وَأَمَّا إِنْ وَصَلَ فَلَا يُمْكِنُ غَيْرُ الْإِدْغَامِ أَوِ التَّحْرِيكِ قَالَ وَإِنْ خَلَا اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَانَ الْقَارِئُ وَاقِفًا وَهُوَ لَا يَدْرِي لِسُرْعَةِ الْوَصْلِ‏.‏ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ وَفِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏مَالِيَهْ هَلَكَ‏}‏ خُلْفٌ‏.‏ وَالْمُخْتَارُ فِيهِ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْهَاءَ إِنَّمَا اجْتُلِبَتْ لِلْوَقْفِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُوصَلَ، فَإِنْ وُصِلَتْ فَالِاخْتِيَارُ الْإِظْهَارُ لِأَنَّ الْهَاءَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهَا فِي النِّيَّةِ لِأَنَّهَا سِيقَتْ لِلْوَقْفِ‏.‏ وَالثَّانِيَةُ مُنْفَصِلَةٌ مِنْهَا فَلَا إِدْغَامَ قُلْتُ‏:‏ وَمَا قَالَهُ أَبُو شَامَةَ أَقْرَبُ إِلَى التَّحْقِيقِ، وَأَحْرَى بِالدِّرَايَةِ وَالتَّدْقِيقِ؛ وَقَدْ سَبَقَ إِلَى النَّصِّ عَلَيْهِ أُسْتَاذُ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ فِي جَامِعِهِ‏:‏ فَمَنْ رَوَى التَّحْقِيقَ، يَعْنِي التَّحْقِيقَ فِي ‏{‏كِتَابِيَهْ إِنِّي‏}‏ لَزِمَهُ أَنْ يَقِفَ عَلَى الْهَاءِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏مَالِيَهْ هَلَكَ‏}‏ وَقْفَةً لَطِيفَةً فِي حَالِ الْوَصْلِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ ؛ لِأَنَّهُ وَاصِلٌ بِنِيَّةِ الْوَاقِفِ فَيَمْتَنِعُ بِذَلِكَ مِنْ أَنْ يُدْغِمَ فِي الْهَاءِ الَّتِي بَعْدَهَا‏.‏ قَالَ وَمَنْ رَوَى الْإِلْقَاءَ لَزِمَهُ أَنْ يَصِلَهَا وَيُدْغِمَهَا فِي الْهَاءِ الَّتِي بَعْدَهَا لِأَنَّهَا عِنْدَهُ كَالْحَرْفِ اللَّازِمِ الْأَصْلِيِّ انْتَهَى وَهُوَ الصَّوَابُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَشَذَّ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ فَحَكَى عَنْ قَالُونَ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ وَابْنِ بُويَانَ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ إِظْهَارَ تَاءِ التَّأْنِيثِ عِنْدَ الدَّالِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِظْهَارُهَا عِنْدَ الطَّاءِ ضَعِيفٌ جِدًّا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ‏.‏

بَابُ أَحْكَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ

وَهِيَ أَرْبَعَةٌ‏:‏ إِظْهَارٌ، وَإِدْغَامٌ، وَقَلْبٌ، وَإِخْفَاءٌ‏.‏

وَالنُّونُ السَّاكِنَةُ تَكُونُ فِي آخِرِ الْكَلِمَةِ، وَفِي وَسَطِهَا كَسَائِرِ الْحُرُوفِ السَّوَاكِنِّ‏.‏ وَتَكُونُ فِي الِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَالْحَرْفِ‏.‏

وَأَمَّا التَّنْوِينُ فَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي آخِرِ الِاسْمِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُنْصَرِفًا مَوْصُولًا لَفْظًا غَيْرَ مُضَافٍ عَرِيًّا عَنِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَثُبُوتُهُ مَعَ هَذِهِ الشُّرُوطِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي اللَّفْظِ لَا فِي الْخَطِّ إِلَّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَكَأَيِّنْ‏}‏‏.‏ حَيْثُ وَقَعَ فَإِنَّهُمْ كَتَبُوهُ بِالنُّونِ‏.‏

‏[‏الْإِظْهَارُ‏]‏

أَمَّا الْإِظْهَارُ فَإِنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ سِتَّةِ أَحْرُفٍ وَهِيَ حُرُوفُ الْحَلْقِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَهِيَ‏:‏ الْهَمْزَةُ، وَالْهَاءُ، وَالْعَيْنُ، وَالْحَاءُ نَحْوَ ‏{‏يَنْأَوْنَ‏}‏، ‏{‏مَنْ آمَنَ‏}‏، ‏{‏كُلٌّ آمَنَ‏}‏، ‏{‏أَنْهَارٌ‏}‏، ‏{‏مِنْ هَادٍ‏}‏، ‏{‏جُرُفٍ هَارٍ‏}‏، ‏{‏أَنْعَمْتَ‏}‏، ‏{‏مِنْ عَمَلٍ‏}‏، ‏{‏عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏، ‏{‏وَانْحَرْ‏}‏، ‏{‏مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ‏}‏‏.‏ وَالْحَرْفَانِ الْآخَرَانِ اخْتُلِفَ فِيهِمَا وَهُمَا‏:‏ الْغَيْنُ وَالْخَاءُ‏.‏ نَحْوَ ‏{‏فَسَيُنْغِضُونَ‏}‏، ‏{‏مِنْ غِلٍّ‏}‏، ‏{‏إِلَهٍ غَيْرُهُ‏}‏، ‏{‏وَالْمُنْخَنِقَةُ‏}‏، ‏{‏مِنْ خَيْرٍ‏}‏، ‏{‏قَوْمٌ خَصِمُونَ‏}‏ فَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ بِالْإِخْفَاءِ عِنْدَهُمَا‏.‏ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْإِظْهَارِ‏.‏ وَاسْتَثْنَى بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَاءِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ‏{‏فَسَيُنْغِضُونَ‏}‏، وَ‏{‏إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا‏}‏، وَ‏{‏الْمُنْخَنِقَةُ‏}‏ فَأَظْهَرُوا النُّونَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَرَوَى الْإِخْفَاءَ فِيهَا أَبُو الْعِزِّ فِي إِرْشَادِهِ مِنْ طَرِيقِ الْحَنْبَلِيِّ عَنْ هِبَةِ اللَّهِ، وَذَكَرَهُمَا فِي كِفَايَتِهِ عَنِ الشَّطَوِيِّ كِلَاهُمَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَرْدَانَ‏.‏ وَرَوَاهُ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ فِي الْمُنْخَنِقَةِ خَاصَّةً مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا‏.‏ وَلَمْ يَسْتَثْنِهَا الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ بَلْ أَطْلَقَ الْإِخْفَاءَ فِي الثَّلَاثَةِ كَسَائِرِ الْقُرْآنِ‏.‏ وَخَصَّ فِي الْكَامِلِ اسْتِثْنَاءَهَا مِنْ طَرِيقِ الْحَمَّامِيِّ فَقَطْ وَأَطْلَقَ الْإِخْفَاءَ فِيهَا مِنَ الطَّرِيقَيْنِ وَبِالْإِخْفَاءِ وَعَدَمِهِ قَرَأْنَا لِأَبِي جَعْفَرٍ مِنْ رِوَايَتَيْهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ أَشْهَرُ، وَعَدَمُهُ أَقْيَسُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ بُويَانَ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ عَنْ قَالُونَ بِالْإِخْفَاءِ أَيْضًا عِنْدَ الْغَيْنِ وَالْخَاءِ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ شَيْئًا، وَاتَّبَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ‏.‏ وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو فِي جَامِعِهِ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شَنَبُوذَ عَنْ أَبِي حَسَّانٍ عَنْهُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ وَاسْتَثْنَى ‏{‏إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا‏}‏، وَ‏:‏ ‏{‏فَسَيُنْغِضُونَ‏}‏ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمُسَيَّبِيِّ عَنْ نَافِعٍ‏.‏ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدَانَ عَنِ الْيَزِيدِيِّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَوَجْهُ الْإِخْفَاءِ عِنْدَ الْغَيْنِ وَالْخَاءِ قُرْبُهُمَا مِنْ حَرْفَيْ أَقْصَى اللِّسَانِ الْقَافِ وَالْكَافِ‏.‏ وَوَجْهُ الْإِظْهَارِ بُعْدُ مَخْرَجِ حُرُوفِ الْحَلْقِ مِنْ مَخْرَجِ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ وَإِجْرَاءُ الْحُرُوفِ الْحَلْقِيَّةِ مُجْرًى وَاحِدًا‏.‏

‏[‏الْإِدْغَامُ‏]‏

وَأَمَّا الْحُكْمُ الثَّانِي وَهُوَ الْإِدْغَامُ فَإِنَّهُ يَأْتِي عِنْدَ سِتَّةِ أَحْرُفٍ أَيْضًا وَهِيَ حُرُوفُ يَرْمِلُونَ مِنْهَا حَرْفَانِ بِلَا غُنَّةٍ وَهُمَا اللَّامُ وَالرَّاءُ نَحْوَ ‏{‏فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا‏}‏، ‏{‏هُدًى لِلْمُتَّقِينَ‏}‏، ‏{‏مِنْ رَبِّهِمْ‏}‏، ‏{‏ثَمَرَةً رِزْقًا‏}‏ هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ وَالْجُلَّةِ مِنْ أَئِمَّةِ التَّجْوِيدِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرِ الْمَغَارِبَةُ قَاطِبَةً وَكَثِيرٌ مِنْ غَيْرِهِمْ سِوَاهُ كَصَاحِبِ التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ وَالتَّجْرِيدِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَغَيْرِهِمْ‏.‏ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ إِلَى الْإِدْغَامِ مَعَ إِبْقَاءِ الْغُنَّةِ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ أَكْثَرِ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ كَنَافِعٍ، وَابْنِ كَثِيرٍ، وَأَبِي عَمْرٍو، وَابْنِ عَامِرٍ، وَعَاصِمٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ، وَيَعْقُوبَ، وَغَيْرِهِمْ وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي الْفَرَجِ النَّهْرَوَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ، وَابْنِ كَثِيرٍ، وَأَبِي عَمْرٍو، وَابْنِ عَامِرٍ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ فِي الْمُسْتَنِيرِ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي عَلِيٍّ الْعَطَّارِ عَنْهُ، وَقَالَ فِيهِ‏:‏ وَخَيَّرَ الطَّبَرِيُّ عَنْ قَالُونَ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ قَالَ‏:‏ وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْخَيَّاطُ عَنِ السُّوسِيِّ وَأَبِي زَيْدٍ كَذَلِكَ ثُمَّ قَالَ‏:‏ وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الْعَطَّارِ عَنْ حَمَّادٍ وَالنَّقَّاشِ بِتَبْقِيَةِ الْغُنَّةِ أَيْضًا‏.‏ وَرَوَاهُ أَبُو الْعِزِّ فِي إِرْشَادِهِ عَنِ النَّهْرَوَانِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَزَادَ فِي الْكِفَايَةِ عَنِ ابْنِ حَبَشٍ عَنِ السُّوسِيِّ، وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ قَالُونَ، وَعَنْ نَظِيفٍ عَنْ قُنْبُلٍ، وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ فِي غَايَتِهِ عَنْ عِيسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَعَنِ السُّوسِيِّ، وَعَنِ الْمُسَيَّبِيِّ عَنْ نَافِعٍ، وَعَنِ النَّهْرَوَانِيِّ عَنِ الْيَزِيدِيِّ وَانْفَرَدَ بِتَبْقِيَةِ الْغُنَّةِ عَنِ الصُّورِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فِي الرَّاءِ خَاصَّةً وَأَطْلَقَ ابْنُ مِهْرَانَ الْوَجْهَيْنِ عَنْ غَيْرِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَحَمْزَةَ، وَالْكِسَائِيِّ، وَخَلَفٍ، وَقَالَ‏:‏ إِنَّ الصَّحِيحَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو إِظْهَارُ الْغُنَّةِ، وَرَوَاهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنِ الْمُطَّوِّعِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ الرَّاءِ، وَعَنِ الشَنَبُوذِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِيهِمَا بِوَجْهَيْنِ قَالَ وَقَرَأْتُ عَلَى شَيْخِنَا الشَّرِيفِ بِالتَّبْقِيَةِ فِيهِمَا عِنْدَهُمَا قَالَ‏:‏ وَخَيَّرَ الْبَزِّيُّ بَيْنَ الْإِدْغَامِ وَالْإِظْهَارِ فِيهِمَا عِنْدَهُمَا‏.‏ قَالَ‏:‏ وَبِالْوَجْهَيْنِ قَرَأْتُ، وَرَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ فِي الْكَامِلِ عَنْ غَيْرِ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ، وَخَلَفٍ، وَهِشَامٍ، وَعَنْ غَيْرِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَنْ وَرْشٍ، غَيْرِ الْأَزْرَقِ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْفَضْلِ الْخُزَاعِيُّ فِي الْمُنْتَهَى عَنِ ابْنِ حَبَشٍ عَنِ السُّوسِيِّ، وَعَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ قُنْبُلٍ، وَعَنْ حَفْصٍ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ زَرْعَانَ، وَعَنِ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ هِشَامٍ، وَعَنِ الصُّورِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ عَنْ قُنْبُلٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شَنَبُوذَ فِي اللَّامِ خَاصَّةً، وَعَنِ الزَّيْنَبِيِّ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ عَنِ الْبَزِّيِّ، وَقُنْبُلٍ فِي اللَّامِ وَالرَّاءِ، وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ قَالُونَ، وَعَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ وَرْشٍ، وَعَنِ الشَّمُّونِيِّ عَنِ الْأَعْشَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ هِشَامٍ، وَرَوَاهُ الْأَهْوَازِيُّ فِي وَجِيزِهِ عَنْ رَوْحٍ قُلْتُ‏:‏ وَقَدْ وَرَدَتِ الْغُنَّةُ مَعَ اللَّامِ وَالرَّاءِ عَنْ كُلٍّ مِنَ الْقُرَّاءِ وَصَحَّتْ مِنْ طَرِيقِ كُتَّابِنَا نَصًّا وَأَدَاءً عَنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ وَحَفْصٍ‏.‏ وَقَرَأْتُ بِهَا مِنْ رِوَايَةِ قَالُونَ، وَابْنِ كَثِيرٍ، وَهِشَامٍ، وَعِيسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَرَوْحٍ، وَغَيْرِهِمْ وَالْأَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ الْبَاقِيَةُ مِنْ يَرْمُلُونَ وَهِيَ‏:‏ النُّونُ وَالْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالْيَاءُ‏.‏ وَهِيَ حُرُوفُ يَنْمُو تُدْغَمُ فِيهَا النُّونُ السَّاكِنَةُ وَالتَّنْوِينُ بِغُنَّةٍ نَحْوَ ‏{‏عَنْ نَفْسٍ‏}‏، ‏{‏حِطَّةٌ نَغْفِرْ‏}‏، ‏{‏مِنْ مَالٍ‏}‏، ‏{‏مَثَلًا مَا‏}‏، ‏{‏مِنْ وَالٍ‏}‏، ‏{‏رَعْدٌ وَبَرْقٌ‏}‏، ‏{‏مَنْ يَقُولُ‏}‏، ‏{‏وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ‏}‏‏.‏ وَاخْتُلِفَ مِنْهَا فِي الْوَاوِ وَالْيَاءِ فَأَدْغَمَ خَلَفٌ عَنْ حَمْزَةَ فِيهِمَا النُّونَ وَالتَّنْوِينِ بِلَا غُنَّةٍ وَاخْتُلِفَ عَنِ الدُّورِيِّ عَنِ الْكِسَائِيِّ فِي الْيَاءِ فَرَوَى أَبُو عُثْمَانَ الضَّرِيرُ الْإِدْغَامَ بِغَيْرِ غُنَّةٍ كَرِوَايَةِ خَلَفٍ عَنْ حَمْزَةَ‏.‏ وَرَوَى عَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ‏:‏ تَبْقِيَةَ الْغُنَّةِ كَالْبَاقِينَ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ لَهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ بِعَدَمِ الْغُنَّةِ عِنْدَ الْيَاءِ عَنْ قُنْبُلٍ مِنْ طَرِيقِ الشَّطَوِيِّ عَنِ ابْنِ شَنَبُوذَ، فَخَالَفَ سَائِرَ الْمُؤَلِّفِينَ وَأَجْمَعُوا عَلَى إِظْهَارِ النُّونِ السَّاكِنَةِ عِنْدَ الْوَاوِ وَالْيَاءِ إِذَا اجْتَمَعَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوَ ‏{‏صِنْوَانٌ‏}‏، وَ‏{‏قِنْوَانٌ‏}‏، وَ‏{‏الدُّنْيَا‏}‏، وَ‏{‏بُنْيَانٌ‏}‏ لِئَلَّا يَشْتَبِهَ بِالْمُضَعَّفِ نَحْوَ صَوَّانٍ، وَحَيَّانٍ؛ وَكَذَلِكَ أَظْهَرَهَا الْعَرَبُ مَعَ الْمِيمِ فِي الْكَلِمَةِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِمْ شَاةٌ زَنْمَاءُ، وَغَنَمٌ زَنْمٌ، وَلَمْ يَقَعْ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ رَأْيُ أَئِمَّتِنَا فِي ذِكْرِ النُّونِ مَعَ هَذِهِ الْحُرُوفِ فَكَانَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ مِمَّنْ يَذْهَبُ إِلَى عَدَمِ ذِكْرِهَا مَعَهُنَّ قَالَ فِي جَامِعِهِ، وَالْقُرَّاءُ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ يَقُولُونَ‏:‏ تُدْغَمُ النُّونُ السَّاكِنَةُ وَالتَّنْوِينُ فِي سِتَّةِ أَحْرُفٍ فَيَزِيدُونَ النُّونَ نَحْوَ ‏{‏مِنْ نَارٍ‏}‏، ‏{‏يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ‏}‏ قَالَ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ابْنَ مُجَاهِدٍ جَمَعَ السِّتَّةَ الْأَحْرُفَ فِي كَلِمَةِ يَرْمُلُونَ قَالَ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ عَنْهُ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا عَنْهُ فِي كِتَابِهِ السَّبْعَةُ أَنَّ النُّونَ السَّاكِنَةَ وَالتَّنْوِينَ يُدْغِمَانِ فِي الرَّاءِ وَاللَّامِ وَالْمِيمِ وَالْيَاءِ وَالْوَاوِ وَلَمْ يَذْكُرِ النُّونَ إِذْ لَا مَعْنَى لِذِكْرِهَا مَعَهُنَّ ؛ لِأَنَّهَا إِذَا أَتَتْ سَاكِنَةً وَلَقِيَتْ مِثْلَهَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إِدْغَامِهَا فِيهَا ضَرُورَةً، وَكَذَلِكَ التَّنْوِينُ كَسَائِرِ الْمِثْلَيْنِ إِذَا الْتَقَيَا وَسَكَنَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ‏:‏ وَلَوْ صَحَّ أَنَّ ابْنَ مُجَاهِدٍ جَمَعَ كَلِمَةَ يَرْمُلُونَ السِّتَّةَ الْأَحْرُفَ لَكَانَ إِنَّمَا جَمَعَ مِنْهَا النُّونَ وَمَا تُدْغَمُ فِيهِ انْتَهَى‏.‏ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ‏.‏ وَالتَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إِنْ أُرِيدَ بِإِدْغَامِ النُّونِ فِي غَيْرِ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ لِذِكْرِ النُّونِ فِي حُرُوفِ الْإِدْغَامِ‏.‏ وَإِنْ أُرِيدَ بِإِدْغَامِهَا مُطْلَقُ مَا يُدْغَمَانِ فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النُّونِ فِيهَا وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى الدَّانِيُّ فِي تَيْسِيرِهِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَيْضًا رَأْيُهُمْ فِي الْغُنَّةِ الظَّاهِرَةِ حَالَةَ إِدْغَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ فِي الْمِيمِ هَلْ هِيَ غُنَّةُ النُّونِ الْمُدْغَمَةِ، أَوْ غُنَّةُ الْمِيمِ الْمَقْلُوبَةِ لِلْإِدْغَامِ‏؟‏ فَذَهَبَ إِلَى الْأَوَّلِ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ كِيسَانَ النَّحْوِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ الْمُقْرِيُّ، وَغَيْرُهُمَا وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ تِلْكَ الْغُنَّةَ غُنَّةُ الْمِيمِ لَا غُنَّةُ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ لِانْقِلَابِهِمَا إِلَى لَفْظِهَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الدَّانِيِّ وَالْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ ذَهَبَ بِالْقَلْبِ فَلَا فَرْقَ فِي اللَّفْظِ بِالنُّطْقِ بَيْنَ مِنْ مَنْ، ‏{‏وَإِنْ مِنْ‏}‏، وَبَيْنَ ‏{‏هُمْ مِنْ‏}‏، وَ‏{‏أَمْ مِنْ‏}‏ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ إِدْغَامُ الْغُنَّةِ وَإِذْهَابُهَا عِنْدَ الْمِيمِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، إِذْ لَا يُمْكِنُ النُّطْقُ بِهِ وَلَا هُوَ فِي الْفِطْرَةِ وَلَا الطَّاقَةِ وَهُوَ خِلَافُ إِجْمَاعِ الْقُرَّاءِ، وَالنَّحْوِيِّينَ، وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ غُنَّةَ الْمُدْغَمِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏[‏الْقَلْبُ‏]‏

وَأَمَّا الْحُكْمُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْقَلْبُ فَعِنْدَ حَرْفٍ وَاحِدٍ وَهِيَ الْبَاءُ فَإِنَّ النُّونَ السَّاكِنَةَ وَالتَّنْوِينَ يُقْلَبَانِ عِنْدَهَا مِيمًا خَالِصَةً مِنْ غَيْرِ إِدْغَامٍ وَذَلِكَ نَحْوَ ‏{‏أَنْبِئْهُمْ‏}‏، وَ‏{‏مِنْ بَعْدِ‏}‏، وَ‏{‏صُمٌّ بُكْمٌ‏}‏ وَلَا بُدَّ مِنْ إِظْهَارِ الْغُنَّةِ مَعَ ذَلِكَ فَيَصِيرُ فِي الْحَقِيقَةِ إِخْفَاءُ الْمِيمِ الْمَقْلُوبَةِ عِنْدَ الْبَاءِ فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ فِي اللَّفْظِ بَيْنَ ‏{‏أَنْ بُورِكَ‏}‏، وَبَيْنَ‏:‏ ‏{‏يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ‏}‏ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي إِخْفَاءِ الْمِيمِ وَلَا فِي إِظْهَارِ الْغُنَّةِ فِي ذَلِكَ وَمَا وَقَعَ فِي كُتُبِ بَعْضِ مُتَأَخِّرِيِ الْمَغَارِبَةِ مِنْ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَوَهْمٌ، وَلَعَلَّهُ انْعَكَسَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمِيمِ السَّاكِنَةِ عِنْدَ الْبَاءِ‏.‏ وَالْعَجَبُ أَنَّ شَارِحَ أُرْجُوزَةِ ابْنِ بَرِّي فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ حَكَى ذَلِكَ عَنِ الدَّانِيِّ‏.‏ وَإِنَّمَا حَكَى الدَّانِيُّ ذَلِكَ فِي الْمِيمِ السَّاكِنَةِ لَا الْمَقْلُوبَةِ وَاخْتَارَ مَعَ ذَلِكَ الْإِخْفَاءَ‏.‏ وَقَدْ بَسَطْنَا بَيَانَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏[‏الْإِخْفَاءُ‏]‏

وَأَمَّا الْحُكْمُ الرَّابِعُ وَهُوَ الْإِخْفَاءُ وَهُوَ عِنْدَ بَاقِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ وَجُمْلَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ حَرْفًا وَهِيَ‏:‏ التَّاءُ، وَالثَّاءُ، وَالْجِيمُ، وَالدَّالُ، وَالذَّالُ، وَالزَّايُ، وَالسِّينُ، وَالشِّينُ، وَالصَّادُ، وَالضَّادُ، وَالطَّاءُ، وَالظَّاءُ، وَالْفَاءُ، وَالْقَافُ، وَالْكَافُ‏.‏ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏كُنْتُمْ‏}‏، ‏{‏وَمَنْ تَابَ‏}‏، ‏{‏جَنَّاتٍ تَجْرِي‏}‏، ‏{‏وَالْأُنْثَى‏}‏، ‏{‏مِنْ ثَمَرَةٍ‏}‏، ‏{‏قَوْلًا ثَقِيلًا‏}‏، ‏{‏أَنْجَيْتَنَا‏}‏، ‏{‏إِنْ جَعَلَ‏}‏، ‏{‏خَلْقٍ جَدِيدٍ‏}‏، ‏{‏أَنْدَادًا‏}‏، ‏{‏مِنْ دَابَّةٍ‏}‏، ‏{‏كَأْسًا دِهَاقًا‏}‏، ‏{‏أَأَنْذَرْتَهُمْ‏}‏، ‏{‏مِنْ ذَهَبٍ‏}‏، ‏{‏وَكِيلًا ذُرِّيَّةَ‏}‏، ‏{‏تَنْزِيلَ‏}‏، ‏{‏مِنْ زَوَالٍ‏}‏، ‏{‏صَعِيدًا زَلَقًا‏}‏، وَ‏{‏الْإِنْسَانُ‏}‏، ‏{‏مِنْ سُوءٍ‏}‏، ‏{‏رَجُلًا سَلَمًا‏}‏، ‏{‏أَنْشَرْنَا‏}‏، ‏{‏إِنْ شَاءَ‏}‏، ‏{‏غَفُورٌ شَكُورٌ‏}‏، ‏{‏الْأَنْصَارَ‏}‏، ‏{‏أَنْ صَدُّوكُمْ‏}‏، ‏{‏جِمَالَةٌ صُفْرٌ‏}‏، ‏{‏مَنْضُودٍ‏}‏، ‏{‏مَنْ ضَلَّ‏}‏، ‏{‏وَكُلًّا ضَرَبْنَا‏}‏، ‏{‏الْمُقَنْطَرَةِ‏}‏، ‏{‏مِنْ طِينٍ‏}‏، ‏{‏صَعِيدًا طَيِّبًا‏}‏، ‏{‏يَنْظُرُونَ‏}‏، ‏{‏مِنْ ظَهِيرٍ‏}‏، ‏{‏ظِلًّا ظَلِيلًا‏}‏، ‏{‏فَانْفَلَقَ‏}‏، ‏{‏مِنْ فَضْلِهِ‏}‏، ‏{‏خَالِدًا فِيهَا‏}‏، ‏{‏انْقَلَبُوا‏}‏، ‏{‏مِنْ قَرَارٍ‏}‏، ‏{‏سَمِيعٌ قَرِيبٌ‏}‏، ‏{‏الْمُنْكَرَ‏}‏، ‏{‏مِنْ كِتَابٍ‏}‏، ‏{‏كِتَابٌ كَرِيمٌ‏}‏‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِخْفَاءَ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا هُوَ حَالٌ بَيْنَ الْإِظْهَارِ وَالْإِدْغَامِ‏.‏ قَالَ الدَّانِيُّ‏:‏ وَذَلِكَ أَنَّ النُّونَ وَالتَّنْوِينَ لَمْ يَقْرُبَا مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ كَقُرْبِهِمَا مِنْ حُرُوفِ الْإِدْغَامِ فَيَجِبُ إِدْغَامُهُمَا فِيهِنَّ مِنْ أَجْلِ الْقُرْبِ وَلَمْ يَبْعُدَا مِنْهُنَّ كَبُعْدِهِمَا مِنْ حُرُوفِ الْإِظْهَارِ فَيَجِبُ إِظْهَارُهُمَا عِنْدَهُنَّ مِنْ أَجْلِ الْبُعْدِ فَلَمَّا عُدِمَ الْقُرْبُ الْمُوجِبُ لِلْإِدْغَامِ وَالْبُعْدُ الْمُوجِبُ لِلْإِظْهَارِ أُخْفِيَا عِنْدَهُنَّ فَصَارَا لَا مُدْغَمَيْنِ وَلَا مُظْهَرَيْنِ، إِلَّا أَنَّ إِخْفَاءَهُمَا عَلَى قَدْرِ قُرْبِهِمَا مِنْهُنَّ، وَبُعْدِهِمَا عَنْهُنَّ فَمَا قَرُبَا مِنْهُ كَانَا عِنْدَهُ أَخْفَى مِمَّا بَعُدَا عِنْدَهُ قَالَ‏:‏ وَالْفَرْقُ عِنْدَ الْقُرَّاءِ، وَالنَّحْوِيِّينَ بَيْنَ الْمَخْفِيِّ وَالْمُدْغَمِ أَنَّ الْمَخْفِيَّ مُخَفَّفٌ وَالْمُدْغَمَ مُشَدَّدٌ انْتَهَى- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

تَنْبِيهَاتٌ ‏[‏فِي أَحْكَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ‏]‏

الْأَوَّلُ‏:‏ أَنَّ مَخْرَجَ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ مَعَ حُرُوفِ الْإِخْفَاءِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ مِنَ الْخَيْشُومِ فَقَطْ وَلَا حَظَّ لَهُمَا مَعَهُنَّ فِي الْفَمِ لِأَنَّهُ لَا عَمَلَ لِلِّسَانِ فِيهِمَا كَعَمَلِهِ فِيهِمَا مَعَ مَا يَظْهَرَانِ عِنْدَهُ، أَوْ مَا يُدْغَمَانِ فِيهِ بِغُنَّةٍ وَحُكْمُهُمَا مَعَ الْغَيْنِ وَالْخَاءِ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ أَجْرَى الْغَيْنَ وَالْخَاءَ مَجْرَى حُرُوفِ الْفَمِ لِلتَّقَارُبِ الَّذِي بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُنَّ، فَصَارَ مَخْرَجُ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ مَعَهُمَا كَمَخْرَجِهِمَا مَعَهُنَّ، وَمَخْرَجُهُمَا عَلَى مَذْهَبِ الْبَاقِينَ الْمُظْهِرِينَ مِنْ أَصْلِ مَخْرَجِهِمَا، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ أَجْرَوُا الْعَيْنَ وَالْخَاءَ مَجْرَى بَاقِي حُرُوفِ الْحَلْقِ لِكَوْنِهِمَا مِنْ جُمْلَتِهِنَّ دُونَ حُرُوفِ الْفَمِ‏.‏

الثَّانِي‏:‏ الْإِدْغَامُ بِالْغُنَّةِ فِي الْوَاوِ وَالْيَاءِ، وَكَذَلِكَ فِي اللَّامِ وَالرَّاءِ عِنْدَ مَنْ رَوَى ذَلِكَ هُوَ إِدْغَامٌ غَيْرُ كَامِلٍ مِنْ أَجْلِ الْغُنَّةِ الْبَاقِيَةِ مَعَهُ‏.‏ وَهُوَ عِنْدَ مَنْ أَذْهَبَ الْغُنَّةَ إِدْغَامٌ كَامِلٌ‏.‏ وَقَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا إِنَّمَا هُوَ إِخْفَاءٌ، وَإِطْلَاقُ الْإِدْغَامِ عَلَيْهِ مَجَازٌ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ فَقَالَ‏:‏ وَاعْلَمْ أَنَّ حَقِيقَةَ ذَلِكَ إِخْفَاءٌ لَا إِدْغَامٌ، وَإِنَّمَا يَقُولُونَ لَهُ إِدْغَامٌ مَجَازًا‏.‏ قَالَ‏:‏ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إِخْفَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُبْقِي الْغُنَّةَ وَيَمْنَعُ تَمْحِيضَ الْإِدْغَامِ إِلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَشْدِيدٍ يَسِيرٍ فِيهِمَا‏.‏ قَالَ‏:‏ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكَابِرِ قَالُوا‏:‏ الْإِخْفَاءُ مَا بَقِيَتْ مَعَهُ الْغُنَّةُ قُلْتُ‏:‏ وَالصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ إِدْغَامٌ نَاقِصٌ مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْغُنَّةِ الْمَوْجُودَةِ مَعَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ صَوْتِ الْإِطْبَاقِ الْمَوْجُودِ مَعَ الْإِدْغَامِ فِي ‏{‏أَحَطْتُ‏}‏، وَ‏{‏بَسَطْتَ‏}‏ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِدْغَامٌ وُجُودُ التَّشْدِيدِ فِيهِ إِذِ التَّشْدِيدُ مُمْتَنِعٌ مَعَ الْإِخْفَاءِ‏.‏ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو‏:‏ فَمَنْ أَبْقَى غُنَّةَ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ مَعَ الْإِدْغَامِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِدْغَامًا صَحِيحًا فِي مَذْهَبِهِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ بَابِ الْإِدْغَامِ الصَّحِيحِ أَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ مِنَ الْحَرْفِ الْمُدْغَمِ أَثَرٌ إِذْ كَانَ لَفْظُهُ يَنْقَلِبُ إِلَى لَفْظِ الْمُدْغَمِ فِيهِ فَيَصِيرُ مَخْرَجُهُ مِنْ مَخْرَجِهِ بَلْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ كَالْإِخْفَاءِ الَّذِي يَمْتَنِعُ فِيهِ الْحَرْفُ مِنَ الْقَلْبِ لِظُهُورِ صَوْتِ الْمُدْغَمِ وَهُوَ الْغُنَّةُ‏.‏ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَدْغَمَ النُّونَ وَالتَّنْوِينَ وَلَمْ يُبْقِ غُنَّتَهُمَا قَلَبَهُمَا حَرْفًا خَالِصًا مِنْ جِنْسِ مَا يُدْغَمَانِ فِيهِ‏؟‏ فَعُدِمَتِ الْغُنَّةُ بِذَلِكَ رَأْسًا فِي مَذْهَبِهِ؛ إِذْ غَيْرُ مُمْكِنٍ أَنْ تَكُونَ مُنْفَرِدَةً فِي غَيْرِ حَرْفٍ، أَوْ مُخَالِطَةً لِحَرْفٍ لَا غُنَّةَ فِيهِ لِأَنَّهَا مِمَّا تَخْتَصُّ بِهِ النُّونُ وَالْمِيمُ لَا غَيْرَ‏.‏

الثَّالِثُ‏:‏ أَطْلَقَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْغُنَّةِ فِي اللَّامِ وَعَمَّمَ كُلَّ مَوْضِعٍ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إِذَا كَانَ مُنْفَصِلًا رَسْمًا نَحْوَ ‏{‏إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا‏}‏، ‏{‏أَنْ لَا يَقُولُوا‏}‏ وَمَا كَانَ مِثْلُهُ مِمَّا ثَبَتَتِ النُّونُ فِيهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ مُنْفَصِلًا رَسْمًا نَحْوَ ‏{‏فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ‏}‏‏.‏ فِي هُودٍ ‏{‏أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ‏}‏ فِي الْكَهْفِ‏.‏ وَنَحْوَهُ مِمَّا حُذِفَتْ مِنْهُ النُّونُ فَإِنَّهُ لَا غُنَّةَ فِيهِ لِمُخَالَفَةِ الرَّسْمِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ، وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ، قَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ‏:‏ وَاخْتَارَ فِي مَذْهَبِ مَنْ يُبْقِي الْغُنَّةَ مَعَ الْإِدْغَامِ عِنْدَ اللَّامِ أَلَّا يُبْقِيَهَا إِذَا عُدِمَ رَسْمُ النُّونِ فِي الْخَطِّ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى مُخَالَفَتِهِ لِلَفْظِهِ بِنُونٍ لَيْسَتْ فِي الْكِتَابِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ‏}‏ فِي هُودٍ، وَفِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا‏}‏ فِي الْكَهْفِ وَ‏{‏أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ‏}‏ فِي الْقِيَامَةِ قَالَ‏:‏ وَكَذَلِكَ ‏{‏أَلَّا تَعُولُوا‏}‏، ‏{‏أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ‏}‏، ‏{‏أَلَّا تَطْغَوْا‏}‏ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا لَمْ تُرْسَمْ فِيهِ النُّونُ، وَذَلِكَ عَلَى لُغَةِ مَنْ تَرَكَ الْغُنَّةَ وَلَمْ يُبْقِ لِلنُّونِ أَثَرًا قَالَ‏:‏ وَجُمْلَةُ الْمَرْسُومِ ذَلِكَ بِالنُّونِ فِيمَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكَاتِبُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ أَئِمَّتِهِ عَشَرَةُ مَوَاضِعَ‏:‏ أَوَّلُهَا فِي الْأَعْرَافِ ‏{‏أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ‏}‏، ‏{‏وَأَنْ لَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ‏}‏، وَفِي التَّوْبَةِ ‏{‏أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ‏}‏، وَفِي هُودٍ ‏{‏وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ‏}‏، وَ‏{‏أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ‏}‏ فِي قِصَّةِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ‏.‏ وَفِي الْحَجِّ ‏{‏أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا‏}‏، وَفِي يس ‏{‏أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ‏}‏، وَفِي الدُّخَانِ ‏{‏وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ‏}‏، وَفِي الْمُمْتَحِنَةِ ‏{‏عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا‏}‏، وَفِي ن وَالْقَلَمِ عَلَى ‏{‏أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ‏}‏ قَالَ‏:‏ وَاخْتَلَفَتِ الْمَصَاحِفُ فِي قَوْلِهِ فِي الْأَنْبِيَاءِ ‏{‏أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ‏}‏ قَالَ‏:‏ وَقَرَأْتُ الْبَابَ كُلَّهُ الْمَرْسُومَ مِنْهُ بِالنُّونِ وَالْمَرْسُومَ بِغَيْرِ نُونٍ بِبَيَانِ الْغُنَّةِ، وَإِلَى الْأَوَّلِ أَذْهَبُ قُلْتُ‏:‏ وَكَذَا قَرَأْتُ أَنَا عَلَى بَعْضِ شُيُوخِي بِالْغُنَّةِ وَلَا آخُذُ بِهِ غَالِبًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ إِطْلَاقِهِمْ بِأَنَّهُمْ إِنَّمَا أَطْلَقُوا إِدْغَامَ النُّونِ بِغُنَّةٍ‏.‏ وَلَا نُونَ فِي الْمُتَّصِلِ مِنْهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

الرَّابِعُ إِذَا قُرِئَ بِإِظْهَارِ الْغُنَّةِ مِنَ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ فِي اللَّامِ وَالرَّاءِ لِلسُّوسِيِّ، وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو فَيَنْبَغِي قِيَاسًا إِظْهَارُهَا مِنَ النُّونِ الْمُتَحَرِّكَةِ فِيهِمَا نَحْوَ ‏{‏نُؤْمِنُ لَكَ‏}‏، ‏{‏زُيِّنَ لِلَّذِينَ‏}‏، ‏{‏تَبَيَّنَ لَهُ‏}‏ وَنَحْوَ ‏{‏تَأَذَّنَ رَبُّكَ‏}‏، ‏{‏خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي‏}‏ إِذِ النُّونُ مِنْ ذَلِكَ تَسْكُنُ أَيْضًا لِلْإِدْغَامِ، وَبِعَدَمِ الْغُنَّةِ قَرَأْتُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَفِي السَّاكِنِ وَالْمُتَحَرِّكِ وَبِهِ آخُذُ‏.‏ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَارِئَ بِإِظْهَارِ الْغُنَّةِ إِنَّمَا يَقْرَأُ بِذَلِكَ فِي وَجْهِ الْإِظْهَارِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُدْغِمِ الْإِدْغَامَ الْكَبِيرَ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏